الجمعة، 23 يوليو 2010

أحكام المدّ والقصر ومباحث اللين

فصل

أحكام المد والقصر:[1][57]

أولا. تعريف المدّ:

لغة الزيادة ومنه قوله تعالى: "ويمددكم بأموال وبنين" واصطلاحا هو إطالة الصوت بحرف المدّ أو هو زمن جريان الصوت به.

ثانيا. حروف المدّ:

وتسمى شروط المدّ وهي حروف العلة الثلاثة المجموعة في هجاء "وَايْ" بشرط أن تسبق بحركة من جنسها فيسبق الواو بضم نحو المغضُوب والياء بكسر نحو نستعِين والألف بفتح -ولا يكون ما قبل الألف إلاّ مفتوحا.

لماذا قبلت حروف المدّ الزيادة دون غيرها من الحروف؟

قيل لأن مخرجها وهو الجوف يتميز عن باقي المخارج بكونه مقدرا لا محققا لأنّه لا يعتمد على جزء معين من الحلق والفم والشفتين ينشأ فيه حروفه كسائر المخارج والحروف بل هو صوت منتشر في الفم وتنتهي حروفه بانتهائها، قال الأستاذ المارغني:[2][58] "إنّ المخرج إذا اتسع انتشر الصوت فيه وامتد ولان وإذا ضاق انضغط الصوت فيه وصلب وكل حرف مساوٍ لمخرجه إلاّ هي، فلذلك قبلت الزيادة وأمكن فيها التطويل والتوسط والقصر بخلاف غيرها من الحروف". واتساع المخرج في الحروف الثلاثة ليس على درجة واحدة بل هو في الألف أوسع منه في الواو والياء ولذا خرج الألف من غير عمل أيّ عضو فيه -أي- لشدة اتساع مخرجه ثمّ تليه الياء إذ لابد فيها كما تقدم من رفع اللسان إلى الحنك ثمّ الواو ولابدّ فيه من ضم طرفي الشفتين وفتح وسطهما فتحا أكبر من فتحهما في غير المدية (التكلم عن الواو)2 .

ثالثا. أقسامه:

ينقسم المدّ باعتبار قبوله للزيادة إلى قسمين أصلي وفرعي:

أولا/ المد الأصلي: ويسمى الطبيعي والقصر... وهو مالا تقوم ذات الكلمة إلاّ به وكذا ما توفر فيه الشرط دون السبب.

* ومعنى قولنا لا تقوم ذات الكلمة إلاّ به أي أنّ معنى الكلمة ومبناها يتغيران بزيادة المد الأصلي أو نقصانه فانظر مثلا لفظة قـلا فإن مبناها ومعناها يتغيران بتغير حرف المدّ باعتبار مكانه أو وجوده أو عدده فنقول: قال بمعنى تكلم الواحد وقالا أي تكلم الإثنان وقلْ أي تكلمْ وقلا بمعنى جفا ويتضح جليا هذا التعريف مع لام التوكيد والنفي نحو لَتَدْخُلُنَّ --> لا تدخلن، و لاتصيبن --> لتصيبن، وكذا في نحو فلهما ثلثا ما ترك، ركبا، جاوزا، فإنك لو حذفت الألف صارت تدل على المفرد ولو زدتها صارت تدل على التثنية.

* ومعنى قولنا ما توفر فيه الشرط دون السبب: أي وجدت حروف المد ولم تجاوزها[3][59] أسباب الزيادة فيه -وأسباب الزيادة في المد الهمزي والسكون- فليس سَمَاء من قبيل المد الأصلي لأنّ الألف جاوره همز وكذا الحاقّة لمجاورتها للشدّة والشدّة عبارة عن سكون مدغم.

* فعلى قارئ حرف من حروف المدّ -إذا توفرت فيه هذه النعوت أن يطيل زمن جريان الصوت فترة زمنية قدرها حركتان والحركة وتسمى كذلك الفتحة هي وحدة قياس مط الحرف والزيادة في مدّة جريان صوته وهي بمقدار بسط الأصبع أو قبضه من غير سرعة مفرطة ولا تكن مبالغ فيه والحركتان أو الفتحتان تسميان ألف.

توابع المدّ الطبيعي ولواحقه:

ونعني بتوابع المدّ الطبيعي كل ما يصدق عليه التعريف المتقدم -أي ما لا تقوم ذات الكلمة إلاّ به وما توفر فيه الشرط دون السبب ويمدّ بمقدار حركتين- غير أنّ له صفة زائدة تَسِمُهُ وتميّزه عن غيره من أنواع المدّ الطبيعي، وإليك تعدادها وأقسامها:

-1- مدّ العوض: هو ألف يوقف عليه عوضاً عن التنوين المنصوب في نحو: عوجاً، قيماً، أفواجاً فيوقف عليها بألف تمد بمقدار حركتين عوجَا، قيمَا، أفواجَا ويستثنى من التنوين المفتوح التاء المربوطة فإنّه يوقف عليها بالهاء لا غير -اتباعا لرسم المصحف- مثل: تجارةً، حاضرةً، خليفةً.

-2- مدّ التمكين: وهو نوعان واوي ويائي أمّا الأول فهو كلّ واو مديّة وليتها واو متحركة نحو: ءامنوا وعملوا[4][60]، اصبرواْ وصابرواْ ورابطُواْ واتقوا. والثاني هو كل ياء مشددة وتليها ياء مدية نحو: الحواريِّين، الأميِّين، حيِّيتم، ربيِّين، النّبيِّين[5][61] وسمي تمكينا لتمكنه في الفم بسبب الشدة في اليائي وحركة الواو في الواوي... ولا يمدّ بأكثر من حركتين.

-3- مدّ البدل: هو كل همز ممدود سواء كان في أول الكلمة نحو: ءادَمَ، إيمَانَ، أوتوُا، أوسطها نحو: قرءان، مذءوما، النبئين[6][62] أو في آخر الكلمة نحو: ليسوءُوا، تبرءواْ، سماءً إذا وقف عليها فإنها تلفظ سماءاً[7][63]...إلخ. وهذا الحكم خاص بروايتي قالون وحفص دون ورش إذ أنّ له في البدل أحكاماً خاصة سيأتي بيانها في مباحث المدّ الفرعي.

-4- الحروف الهجائية في أوائل السور: والمجموعة في هجاء "حيٌ طهْرٍ" فإنّها تمد بمقدار حركتين لا غير في نحو: ألر، حم، طه، كهيعص... وسيأتي بيان هذه الحروف في آخر هذا الباب.

-5- كل واو مسبوقة بضم وكل ياء مسبوقة بكسر إذا وقف عليهما بالسكون نحو: هوَ، هيَ، شركاءيَ، نسيَ. ويستثنى من هذه القاعدة إذا كان الواو أو الياء مشددا نحو النسِيّ[8][64]، الغنِيّ فإنّه يوقف عليه بالسكون الحيّ والتشديد.

* ليس لي مثال بالواو سوى لفظه هُوَ ولا أدري إن كان في القرءان غيرها...[9][65]

-6- الصلة الصغرى: وهي خاصة بهاء الضمير وميم الجمع وقد خصصنا لهما مبحثاً خاصاً في آخر هذا الفصل، وما يهمنا من أحكامها الحالات التي تلحق فيها بالمدّ الطبيعي.

أمّا هاء الضمير وتسمى هاء الكناية وهي العائدة على الغالب المفرد المذكر فإنها إذا وقعت بين متحركين -ولا يكون ما يليها همزا- ولم يوقف عليها- أشبعت ضمتها ليتولد عنها واو مديّة أو أشبعت كسرتها ليتولّد عنها ياء مدّية مقدار مدهما حركتان نحو: إنّهُ و رَبِّي تلفظ إنّهُو ربي، لهُ و ما في السموات تلفظ لهُو ما، قميصهِ و بِدم تلفظ قميصهي بدَمٍ، نفسهِ قد شغفها تلفظ نفسهي قد[10][66]، وللأئمة الثلاث إستثناءات في الباب سيأتي بيانها في آخر هذا الفصل إنشاء الله.

* أمّا ميم الجمع فإنّها إذا وليها ضمير متصل تضم وتوصل بواو مدية مقدار مدّها حركتان نحو رأيتموه وأصلها قبل اتصالها بالضمير رأيتمْ، ويريكموهم وأصلها يريكم.

-7- الألفات السبع: في رواية الإمام حفص و ألف آنا في قراءة الإمام نافع. إنّ لالف أنا في قراءة نافع خاصة سنتحدث عنها في آخر مباحث المدّ ونقتصر هنا على بيان كونها في حالة الوقف تمدّ بمقدار حركتين فهي حينها من لواحق المدّ الطبيعي وذلك في نحو: أنآ أُكثر مالاً، أنآ أُحي وأميت، إن أنآ اِلاّ نذير[11][67] وتلحق بها ألف لكنـاْ هو اللّه في سورة الكهف فإنّ الإمام نافع بروايتيه أثبتها في حالة الوقف دون الوصل، أما حفص رحمه الله فإنّه عمم هذا الحكم على سبع ألفات تثبت جميعها في حالة الوقف دون الوصل وهي أناْ حيثما وقعت لكنّـاْ بسورة الكهف 37، الظنوناْ، الرسولاْ، السبيلاْ الأحزب 1-22-27، قواريراْ الانسان 15. أما ألف سلاسلاْ بسورة الانسان فإن للإمام ورش فيها الوجهين إثبات الألف في الحالين وهو مذهب المغاربة والمصريين أما العراقيون فإنهم روو عنه إثباتها في حالة الوقف دون الوصل. يضبط الألف المحذوف وصلا والثابت وقفا برسم صفر مستطيل فوقه هكذا " " [12][68] إلاّ إذا جاء بعدها ساكن نحو: أنَا اَلنّذير فإنّ الصفر لا يرسم فوقها وإن كان حكمها حكم ما سبق لعدم توهم ثبوتها وصلا بسبب السكون الذي يوجب إسقاط المد المنفصل عنه[13][69].

ثانيا/ المد الفرعي: ويسمى المزيدي

تعريفه: هو القابل للزيادة على ما في أصله من المطّ أو هو ما توفّر فيه الشرط والسبب، وشروط المدّ كما تقدم بيانه هي حروف العلة المسبوقة بحركة من جنسها أما أسبابه فهي السكون والهمز بمختلف أنواعهما.

أسباب المدّ الفرعي وبيان أنواعها وما يطرأ عليها:

-أ- السكون: وله حالات عدّة وأقسام شتى:

* فهو ينقسم باعتبار ظهوره إلى مظهر ومدغم فأمّا المدغم فهو الشدة في نحو: الحآقّة، حآجّ، الصآخّة، فإنك إذا فككت حروف هذه الكلمات وكتبتها كتابة عروضية نحو الحاقْقَة، حاجْ جَ يظهر السكون، أما المظهر فمثل خَوفْ، محيايْ، جوع (الواو ساكنة).

* وهو ينقسم باعتبار ثبوته في حالتي الوقف والوصل إلى قسمين أصلي وعارض أمّا الأصلي فهو الثابت وقفا ووصلا أما العرضي فهو الثابت في حالة الوقف دون الوصل فمثال الأول محيآيْ، نَ، صَ، تقرءان بحسب رسمهما هكذا نُونْ، صَادْ. ومثال الثاني الوقف على العَالَمِينْ، الدِينِْ، نستعينْ بالسكون بدل الفتح والكسر والضم ومثله الوقف على رجالْ و الكافرونْ ...

* وينقسم باعتبار حركة ما قبله والتلفظ به إلى قسمين حيّ وميت فأمّا الحيّ فهو المسبوق بفتح في كلّ من الواو والياء وأما الميت فهو المسبوق بحركة من جنسه، فمثال الأول أيْمان، سَوْء، خَوْف، بيْت ومثال الثاني إِيمان، سُوء، جُوع، العالمِين، قَال.

ومن الفروق بين النوعين أنّ السكون الحي يرسم بخلاف الميت -في جل المصاحف- وأنّه ملفوظ في الأول دون الثاني ومن الفروق بينهما كذلك أنّ شروط المدّ الساكنة سكونا ميتا تخرج من الجوف أمّا الواو والياء الساكنتين سكونا حياً فإنّهما يخرجان -على التوالي- من الشفتين ووسط اللسان... فانتبه!!!.

-ب- الهمز: وينقسم بدوره إلى أقسام عدّة:

* ينقسم باعتبار اتصاله بالشرط إلى قسمين متصل ومنفصل، أما المتصل فهو ما كان فيه الشرط والسبب في كلمة واحدة -أي متصلان- نحو: جآء، سوء، النبيء، أمّا المنفصل فهو ما كان الشرط فيه في آخر كلمة والسبب في أول الكلمة التي تليها وينقسم بدوره إلى منفصل حقيقي وهو ما كان الإنفصال فيه لفظا ورسما نحو: بني إسرائيل، قواْ أنفسكم، بمآ أنزل، ومنفصل حكمي وهو ما كان الإنفصال فيه لفظا لا رسما نحو: يـأيها، يـأبت، هـؤلاء فإنّ أداة النداء "يا" منفصلة في اللفظ والأصل عن إسم الإشارة وكذا "ه" حرف للتنبيه منفصل عما بعده في اللفظ والأصل إلاّ مصاحف الإمام رسمتها متصلين.

* وينقسم باعتبار تقدمه وتأخره عن الشرط إلى همز متقدم في نحو: ءَادم، إيمان، أُوحي ومتأخر في نحو: سماء، جيء، سوء.

* ينقسم باعتبار ثبوته في حالتي الوصل والابتداء إلى قطعي ووصلي أمّا القطعي فهو الثابت في الحالين نحو: أكرهتنا، أبقى وأمّا الوصلي فهو الثابت في حالة الابتداء دون الوصل نحو: اهدنا ألصراط -على رسم المصاحف المغربية- ، اتخذ، الحمد -على رسم المصاحف الشرقية-.

تنبيه: الهمز المغير في روايتي قالون وورش في نحو السماء اية، وعاء اخيه، يازكرياء انا، سواعمالهم، وكذا جاءاجلهم عند ورش أو جاءجلهم عند قالون إذا ابتدئ به في الروايتين يحقق... وسيأتي بيانه -إن شاء الله- في مباحث الهمز.

* ينقسم باعتبار ما يطرأ عليه من التغيير إلى المحقق وهو الأصل نحو: السماء و ءامنوا ومنقول نحو: الآخرة، منَ امن وفي رواية الإمام ورش خاصة وفي ردّا يصدّقني في روايتي قالون وورش وأصل هذه الكلمة الأََخرة، منَ ءَامن، ردْءًا يصدّقني ومن أقسامه كذلك المسهّل نحو أاْلذكرين في الروايات الثلاث أاْعجمي في روايتي ورش وحفص و أا نذرتهم في رواية قالون عليهم رحمة الله أجمعين، ومن أقسامه كذلك المُبْدَل نحو أآلله وأصل هذا الألف المدّي همزة وصلية -في الروايات الثلاث- نحو وعاء أخيه، سُوءَ اعمالهم وفي روايتي قالون وورش تلفظ الأولى ياء مفتوحة[14][70] والثانية واوا مفتوحة[15][71] ومثل هزوا كفوا في رواية الإمام حفص دون غيره.

هذا بعض ما يمكننا قوله في بيان أقسام أسباب الزيادة في المدّ وما قد يطرأ عليها من التغيير.

أقسام المد الفرعي السكوني: -أي ما كان سببه السكون-

أوّلاً. اللاَزم المثقل: هو ما كان سببه السكون المدغم -ولا يكون إلاّ أصلي[16][72]- ينقسم إلى قسمين -الكلمي والحرفي-.

- أمّا الكلمي فهو ما كان في كلمة نحو: الحآقّة، الطّآمّة، ءآمّين أمّا الحرفي فيكون في الحروف الهجائية في فواتح السّور، ولا يكون في سوى السّين واللام إذا وليتها الميم نحو ألمّ، طسمّ ويمدّ بنوعيه ستّ حركات وجوباً.

ثانيا. اللاّم المخفف: وهو ما كان سببه السّكون الأصلي المظهر وينقسم بدوره إلى كلمي وحرفي، فمثال الكلمي محيآيْ، أاَقْررتم في رواية ورش و ءآلْـنَ في رواية حفص كلمة واحدة لا غير محيآي كلمة وحدة لاغير في رواية قالون. وأمّا الحرفي فهي الحروف الهجائية في فواتح السور وحروفه مجموعة في هجاء "نقص سلكم" بشرط ألاّ يلي اللام والسين ميم نحو: ن، ص، ق، يـس، ألم والمد في الضربين بمقدار ست حركات.

ثالثا. لواحق المد اللازم:

-1- مد الفرق: هو المد الذي نتج بسبب دخول الهمز الإستفهامي على همزة الوصل في لأسماء المعرفة ب "ال" فتبدل همزة الإستفهام ألفاً مدّية مقدار مدها ست حركات والواقع من ذلك في كلام الله ثلاث كلمات في ست مواضع هي: أآلذَّكرين، أآللَّه، أآلـن[17][73]، في رواية حفص أآلـنّ في قراءة نافع [18][74]... ويجوز في هذه الكلمات وجه آخر هو التسهيل مع تقديم الوجه الأول، وسمي بمد الفرق لأنّه يفرق به بين الأسلوب الإستفهامي والخبري.

-2- المدّ من أجل السكون الخاص: في عشر كلمات مشتركة بين الروايات الثلاث وهي: الصلوة، الزكوة، حيوة، التوريـة، مزجيـة، تقيـة، مشكوة، منوة، بالعدوت، النجوة فإنه يوقف عليها بهاء السكت ويمد الألف قبلها بمقدار ست حركات وجها واحدا لأنّ هاء السكت وإن كانت عارضت أصلها تاء مربوطة فإنّ السكون أصلي فيها... ويلحق بهذه الكلمات في رواية الإمام ورش لفظة إذا وقف عليها بالياء.

-3- الهمز المتفق الحركة إذا أبدل الثاني حرف مدّ ووالاه سكون: وهذا الحكم خاص بالإمام ورش وذلك في نحو: أاَنْذتهم، أاَقْررتم، جاءآ مْرنا، من وراء آسْحاق، فإنها تمدّ بالطول في أحد وجهي قراءتها.

رابعا. المدّ بسبب السكون العارض: يكون عند الوقف بالسكون على حرف سبق بشرط من شروط المدّ نحو: نستعيـْن، رجاْلٌ، الكافروْنَ ويجوز فيه الأوجه الثلاثة عند جميع القراء القصر أي حركتان والتوسط أي أربعة والطول أي ستّة. أما فاللازم لاجتماع الساكنين اعتدادا بالعارض قال الداني هو مذهب القدماء من مشيخة المصريين وهو اختيار الشاطبي لجميع القراء...! أما التوسط فلمراعاة اجتماع الساكنين وملاحظة كونه عارضا وهو مذهب ابن بكرين مجاهد وأصحابه ولعله اختيار مذهب ابن عمرو الداني وهو المقدم والمشهور في رواية ورش عند المغاربة -والله أعلم-.

أما القصر فلأن السكون عارض فلا يعتد به ولأن الجمع بين الساكنين جائز في حالة الوقف نحو: القَدْرْ، الفَجْرْ فلما تكلف زيادة المدّ بسببه. وكان بعض المشايخ يأخذون به لمن قصر المنفصل كالإمام قالون -عليه رحمة الله- قال ابن الجزري والصحيح جواز كلٍّ من الثلاثة لجميع القراء لعموم قاعدة الاعتداد بالعارض وعدمه عند الجميع.

* وجه المدّ بسبب السكون

ووجه المد بسبب السكون التمكن من الجمع بينهما فكأن المد قام مقام الحركة.

استطراد: يليق بهذا المقام قد لا نجد مكاناً لبسطه وبيانه معروف عند العام والخاص أنه يمتنع في كلام العرب اجتماع الساكنين والتقائهما فإن حصل ذلك اجتهدوا في تغيير الأول أو حذفه بحسب صفته وموقعه وإليك هاهنا بيان حالات اجتماع الساكنين:

-أ- إذا كان الساكن الأول صحيحا فالقياس كسره نحو: قمِ اللّيل، لكنِ اللّه ولكن قد تخرج الرواية عن القياس في بعض المواضع إليك تعدادها:

1- ميم الجمع -الساكنة الأصل- إذا وليها سكون ضمت نحو: همُ اَلْمفلحون، فزادهمُ اللّه.

2- الساكن إذا وليته همزة وصل مضمومة في حالة الابتداء يضم ولا يكسر في روايتي قالون وورش نحو: انُ اعْبدوا، قدُ اسْتهزئ بخلاف حفص فإنه عليه رحمة الله يكسرها وهو القياس.

3- ياء الإضافة إذا وليها ساكن نحو نعمتيَ الّتي، بلغنيَ الكبر، حسبيَ الّله واستثنى الإمام حفص كلمة واحدة هي عهدِي الظّالمين فإنه أسكنها.

-ب- إذا كان الأول صحيحا واتّصل بالثاني في كلمة واحدة فإنه لا يسمح به في غير حالة الوقف نحو: العصْرْ، الأمْرْ أما وصلا فإنّه ممتنع في غير أربع كلمات إختص بها الإمام قالون وهي: نعْمّا بالبقرة والنساء، ولا تعْدّوا بالنساء ويهْدّي بيونس، ويخصْمّون بيس -في أحد وجهي قراءتها-.

-ج- إذا كان الأول معتلا أو شبيها بالمعتل فإنّهم يعدون الحرف الأول ليتمكنوا من الجمع بين الساكنين فيقوم المدّ مقام الحركة -كما تقدم- هذا إذا كان متصلين أي إذا وجدا في كلمة واحدة نحو: محيَايْ، العالمِينَ، خوْفْ، بيْتْ.

-د- إذا كان الأول معتلا ومنفصلا فإنّهم يحذفونه نحو: في السّموات تلفظ ( فسموات )، قالوا اجْعل تلفظ (قالُجْعَلْ )[19][75].

أقسام المدّ الفرعي الهمزي: أي ما كان سبب الزيادة فيه الهمز، وأسامه ما يأتي:

أولا. المدّ المتصل: ويسمى الواجب وهو ما كان سببه همزا متصلا بالشرط في كلمة واحدة نحو: أوليآء، سوء، يضيء وسمي واجبا لاتفاق جميع القراء على مدّه قدراً زائدا على ما أصل حروفه من المد -أي أكثر من حركتين- وإن كانوا اختلفوا في مقدار هذه الزيادة[20][76]، قال ابن الجزري (1/315): " فوجب أن لا يعتقد أن قصر المتصل جائز عند أحد من القراء وقد تتبعته فلم أجده في قراءة صحيحة ولا شادة ". وقد ح النص بمده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطبراني في الكبير عن مسعود بن يزيد الكندي قال كان ابن مسعود يقرئ رجلا فقرأ الرجل " إنّما الصدقات للفقراء والمساكين " مرسلة فقال ابن مسعود ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن؟ فقال أقرأنيها " إنما الصدقات للفقرآء والمساكين " فمدوها، أخرجه الألباني في الصحيحة أمّا مقدار مدّه في الروايات الثلاث فليس للإمام ورش فيه سوى الطول أي ست حركات أمّا قالون فظاهر ما نص عليه ابن بري في نظمه وتابعه عليه الأستاذ المارغني في شرح هذا النظم أنّه يمدّه بالطول كذلك وأما ما ذكره ابن الجزري (1/123) فيقتضي أنّ له فيه التوسط أي أربع حركات دون الطول -والله أعلم- أمّا الإمام حفص فإنّ له فيه ثلاثة أوجه هي التوسط -أي أربع حركات- ودرجة فوقها ودون الطول -أي خمس حركات- والطول أي ست حركات[21][77] [22][78].

ثانيا. المدّ المنفصل: وهو ما كان سببه همزا منفصلا عن الشرط أي يكون الشرط في آخر الكلمة الأولى والسبب في أول الكلمة الثانية، ويسمى أيضا بمدّ البسط لأنه يبسط بين كلمتين ويسمى مدّ الفصل لأنّه يفصل بين الكلمتين ويقال له الإعتبار لاعتبار الكلمتين من كلمة ويقال له مد حرف لحرف أي مد كلمة لكلمة ويقال له أيضا المدّ الجائز من أجل الخلاف في مدّه وقصره ومثال له: مآ أنزل، في أنفسكم، قالواْ ءَامنا مدّه الإمام ورش بسبب حركات وجهاً واحداً وأمّا قالون فله فيه الوجهان القصر والتوسط مع تقديم القصر أمّا حفص رحمه الله فله فيه أربعة أوجه القصر والمرتبة التي فوقه دون التوسط والتوسط والمرتبة التي فوقه دون الطول أي حركتان وثلاثة وأربعة وخمسة.

وينقسم المد المنفصل كما تقدم بيانه في أنواع الهمز إلى قسمين منفصل حقيقي، ومنفصل حكمي:

فأما الحقيقي فهو المنفصل لفظاً ورسماً نحو: ما هذآ إلاّ بشر، وأما الحكمي فهو المنفصل لفظا لا رسماً نحو:هـؤلاء، يـأبت، يـأيها، يـأخت -ولهما نفس الحكم- سوى أنّ الحقيقي يوقف عليه بالقصر لا غير في الروايات الثلاثة أمّا الحكمي فإنّه يمتنع الوقف عليه لرسمه موصولا ومذهب الإمامين الجليلين نافع وعاصم اِتباع رسم المصحف.

لواحق المدّ المنفصل:

1. الصلة الكبرى: وهي قسمين:

-الأول- هاء الضمير إذا توسطت حركتين ووليها همز نحو: في ربه إذ قال، قومه إنني فإنّها تلحق بالمنفصل في الحكم -في الروايات الثلاث- ويستثنى منه يؤده إليك و لا يؤده إليك بآل عمران في رواية قالون و فألقه إليهم بسورة النمل في روايتي قالون وحفص.

-الثاني- ميم الجمع إذا وليها همز قطعي في روايتي ورش وقالون نحو: عليهم أأنذرتهم أم فإنّ ورش يمدها بالطول وجهاً واحداً ولقالون فيها ثلاثة أوجه الإسكان القصر والمدّ، أما الإمام حفص فيسكنها كما سيأتي بيانه.

2. ياء الإضافة: إذا وليها همز على ما سيأتي بيانه في بابه - في رواية حفص إلاّ بعض ما استثناه في نحو: أرني أنظر إليك في الأعراف ونحوه مما سيأتي بيانه في روايتي قالون وورش[23][79].

ثالثا. مدّ البدل:[24][80] اختص به ورش دون الإمامين قالون وحفص وهو ما تقدم فيه السبب الشرط أو هو كل همز ممدود نحو: ءامنوا، ءيمان، أوتو.

أقسامه: * ينقسم باعتبار أصل شرطه إلى قسمين:

1- البدل: هو ما كان أصل شرطه همزا ممدودا أبدل حرف مدّ من جنس حركة ما قبله نحو: ءامنوا فإنّ أصلها أأمنوا، إئْمان أبدلت إيمان.

2- الملحق بالبدل: هو ما كان الشرط فيه أصلي نحو: لإيلاف، المستهزئين، رؤوف، رؤوس، مئاب، سوءات.

* وينقسم باعتبار ما يطرأ على سببه إلى ما يلي.

1- ما كان الهمز فيه محقق نحو: دعائي، يؤوسا، ءازر.

2- ما كان الهمز فيه مسهلا بين بين في أربعة أحرف لا غير وهي: أ امنتم، أ الهتنا الأولى في الأعراف وطه والشعراء والثانية في الحجر جاء ال فرعون في القمر جاء ال لوط في الحجر.

3- ما كان الهمزة فيه مبدلا في هؤلاء الهة تبدل الهمزة الثانية ياء مفتوحة بسورة الأنبياء و السماء اية في الشعراء.

4- ما كان الهمز فيه منقول: نحو: لاَخرة، لاِيمان، لاولى، منَ امن، ابنيَ ادم، ألفواْ اباءهم، قلِ اِي وربي، قدُ اوتيت.

* تنبيه* الهمز المبدل إذا ابتدئ به حققت الهمزة وجها واحدا بلا خلاف فانتبه!!!

أوجه قراءته: للإمام ورش من طريق الأزرق في جميع ما تقدم ثلاثة أوجه القصر والتوسط والطول. واختار الإمام الشاطبي القصر حسب ما نقله أبوشامة عن أبي الحسن السخاوي وهو اختيار الجعبري[25][81] فيما يروى عنه. ولعل اختيار أبي عمرو الداني التوسط وهو الذي عليه العمل عند المغاربة -والله أعلم-. واختار مكي الطول ... فالأوجه الثلاثة جائزة صحيحة عند ورش والمأخوذ به عندنا[26][82] التوسط.

مستثنيات من هذه القاعدة:

-1- يؤاخذ كيف ما وحيثما وقعت نحو: لا يواخذكم اللّه، لا يوَاخذنا، ولويواخذ الله... فإنّ الواو المبدلة عن الهمز لا تمد بأكثر من حركتين -بلا خلاف عنه-. قيل في توجيه هذا الإستثناء: للزوم البدل فيه فصارت الواو وكأنّها أصلية في الكلمة بخلاف السماء اية، هولاء الهة فإنّ البدل ليس لازما فيهما إذ أنّ الهمز يحقق في حالة الإبتداء.

-2- إذا وقع قبل الهمز ساكن صحيح استثناه الإمام ورش فليس له فيه سوى القصر -بلا خلاف عنه- والواقع منه في كتاب الله خمسة: القرْءان، الظمْئَان، مسْـولا، مذْءوما، مسْـولون. قال ابن الجزري (1/341) في بيان وجه هذا الإستثناء: " وظهر لي في علة ذلك أنه لمّا كانت الهمزة فيه محذوفة رسماً ترك زيادة المدّ فيه تنبيها عن ذلك "[27][83].

-3- مدّ العوض في الهمز: في نحو: دعاءً، نداءً، هزؤًا، ملجأً فإنّ يوقف عليها بمدّ الهمز هكذا دَعَاءَا، نداءا، هزؤا، مَلْجَأ ولا يجوز المدّ فيها بأكثر من حركتين قيل لأنّه اجتمع فيه ضعفان ضعف السبب بتقدمه عن الشرط وضعف الشرط بعروضه.

-4- إسرائيل حيث وقعت نص على استثنائها أبو عمرو الداني والشاطبي وغيرهما[28][84] ووجّه هذا الإستثناء بطول الكلمة وكثرة دورها وثقلها بالعجمة مع أنّها أكثر ما تجيء مع كلمة بني فتجتمع ثلاث مدات فاستثنى مدّ الياء تحقيقا[29][85].

-5- ءالَـن البدل المنقول إلى اللام في حرفي يونس إلَـن وقد كنتم به تستعجلون، ءالَـن وقد عصيت قبل. قال ابن الجزري: " نص على استثنائها ابن سفيان والمهدوي ولم يستثنها مكي في كتبه ولا داني في تيسيره واستثناها في الجامع ونص في غيرهما بخلاف فيها فقال في الإيجاز والمفردات: ان بعض الرواة لم يزد في تمكينها وأجرى الخلاف فيها الشاطبي ".

-6- عاداً الاولى: في سورة النجم وقيل في توجيهه أن حركة اللام صارت وكأنها أصلية فيها بسبب الإدغام[30][86].

-7- همزة الوصل الممدودة في نحو: ايت، ايذن لي نص على الإستثناء فيه في حالة الإبتداء ابو عمرو الداني في جميع كتبه والإمام الشاطبي[31][87] وروي عنه المدّ.

مدّ البدل إذا جاء بعده ساكن نحو: رءا القمر، رءا الشمس، تراءا الجمعان فإنّه رحمه الله يحذف المدّ في حالة الوصل ويثبته بالأوجه الثلاث قصر توسط طول في حالة الوقف.

مدّ البدل إذا جاء بعده همز فأما إذا دان منفصلاً عن الهمز في نحو: جاءُو اباهم فإنّ له فيه أوجه البدل في حالة الوقف ومده بالطول في حالة الوصل لأقوى السببين أما الموصول ففيه الطول فقط.

إذا وقف على ياء بالسكون قبلها همز مكسور نحو: شركاءِيَ، دعاءِيَ فإنه يوقف عليها بالبدل.

* وجه المدّ بسبب الهمز: قيل وجه المدّ بسبب الهمز أنّها لما كانت بعيدة المخرج ثقيلة في النطق لكونها حرفا شديداً جهرياً زيد في المدّ ليتمكن من النطق بالهمزة على حقها من شدّتها وجهرها، وقيل لأن حرف المدّ ضعيف خفي والهمز قوي صعب فزيد في المدّ لتقوية الضعيف عند مجاورة القوي ولعل المأخوذ به في روايتي قالون وحفص التعليل الأول دون الثاني والعكس بالنسبة للإمام ورش لأنّ مدّ البدل لا يشمله التوجيه الأول إذ أن الهمزة فيه سبقت المدّ وأمن عليها من خفائها بخلاف التوجيه الثاني فإنّ الهمزة مجاورة المدّ سواء كانت قبله أو بعده.

مباحث: مـدّ الليـن

أولاً. تعريفه[32][88]:

هو إطالة الصوت بحرف المدّ أو هو زيادة مطِّه وهو بخلاف حروف المدّ يفتقر إلى سبب[33][89].

ثانيا. حروفه:

الياء والواو الساكنتان سكونا حياً والمفتوح ما قبلهما.

وإنما قبلا حرفا اللّين الزيادة وأمكن فيهما التطويل والتوسط لشبههما بالواو والياء المديتين في السكون وفي شيء من المدّ واللين، قاله الأستاذ المارغني والإمام ابن الجزري عليهما رحمة الله.

ثالثا. أقسامه:

-1- اللين اللازم: هو ما كان سببه سكونا لازما أي أصلي في كلمة واحدة هي اسم العَيْن** في موضعين من فواتح السور لا غير وهي: حم عسق الشورى و كهيعص مريم يجوز فيهما عند الإمام ورش التوسط والطول مع تقديم الطول وأما الإمامان قالون وحفص فلهما الأوجه الثلاثة القصر والتوسط والطول -والقصر- المقصود به قر حبس هو المقدم عند متأخري العراقيين أما المغاربة فالمختار عندهم التوسط والطول[34][90].

-2- اللين الهمزي ويسمى كذلك اللين المحض: هو ما كان سببه همز متصل وهو مما اختص به الإمام ورش ومثاله: شيْء، سوء، كهيْئَة، سوْءَة، ولا يجوز له فيه سوى التوسط والطول قال الحصري في قضيته:

وَفي هَدَ عَيْنِ ثمَّ شيءٍ وَسَوْءَةٍ خِلافٌ جَرى بَيْنَ الأَئِمَةِ في مَصْرِ

فَقَـالَ أُنَاسُ مَـدُه مُتَوَسـطٌ وَ قَالَ أُنَاسٌ مفْرِطٌ وَبِهِ أقْـرِي

والحقّ أن تقديم الطول إنما هو في العين أمّا اللين الهمزي فلعل المقدم هو التوسط وهو اختيار أبوعمروالداني.

* ويستثنى منه كلمتين مطلقا هما مَوْئلا بسورة الكهف و المَوْءُودَة بسورة التكوير قيل لأنّ الواو ليست لازمة إذ أنّها تتغير في بعض مشتقات الكلمة كقولك يَئِلُ . يَئِدُ ويستثنى كذلك واو سَوْءَات من سَوْءَاتِهما بالرفع والكسر وسَوْءَاتكم في بعض أوجه قراءتها، إذ لا يتأتى فيها للإمام ورش سوى أربعة أوجه هي قصر الواو مع الثلاثة في البدل بعدها والوجه الرابع هو التوسط فيها سوْءَات

قال ابن الجزري في بيت نظم فيه هذه الأوجه الأربعة

وسوءات قصر الواو والهمز ثلثا ووسطهما فالكل أربعة فادر

-3- اللين العارض: وهو ما كان سببه سكوناً عارضاً بسبب الوقف ومثاله: اللَّيْلْ، المَوْتْ، بَيْتْ، خَوْفْ. يجوز فيه للقراء جميعا الأوجه الثلاث القصر التوسط والطول والتوسط هو مذهب أكثر المحققين واختيار أبي عمرو الداني وبه كان يقرئ أبو القاسم الشاطبي كما نص عليه أبو عبد الله ابن القصاع عن الكمال الضريع عنه.

تنبيه: 1- إذا وقف على نحو: شَيْء، سَوْء فإن القصر يمتنع بالنسبة للإمام ورش خاصة ولا يخفي توجيه ذلك.

تنبيه: 2- أعيد وأكرر فإنّ في الإعادة إفادة ولأن ما تكرر تقرر إنّ المقصود بالقصر هنا قصر حبس أي عدم المدّ البتة لا حركتان كما يظنه بعض الطلبة وكما هو مدوّن في بعض الرسائل والمصنفات الحديثة المتداولة بين الإخوة، نص على ذلك محمد الإبراهيمي في المحجة وبيّنه وأنكر على من خالفه فانظره هناك، بل وحكى الكثير من القراء الإجماع على أنّها جارية مجرى الصحيح ولا خلاف بين أحدٍ أن الحروف الصحيحة لا يمدّ البتة وجمهور أهل اللغة لا يعرقون غير هذا لشيوع اللحن في هذه المسألة وفشوّه ولفحشه ونكارته في النية (أود إفراد بحث لتحقيقها وتقريرها عجل الله صدوره واقعا وعملا آمين).

رابعا. وجه الزيادة في مدّ اللين:

ولعل سبب الزيادة فيه رغم ضعف الشرط بتحرك ما قبله بحركة من غير جنسه أنّ الواو والياء فيهما شيء من الخفاء والضعف وشيئا من المدّ وإن كان أنقص في الرتبة ممّا في حروف المدّ فمدتا أمام الهمز الجهري القوي تقوية للضعيف أمام القوي وأمام السكون للتخلص من التقاء الساكنين وربما مدّدا احترازا من اختلاس حركة ما قبلها أو تغييرها ذلك أن الفتحة وهي أخف الحركات وأضعفها إذا لم يهتم القارئ بها أسرع اللسان إلى إبدالها ضمة قبل الواو في نحو: يَوْم، قَوْم، سَوْم وإبدالها كسرة قبل الياء في نحو: علَيْهم، غَيْر، شَيْء بسبب أن الواو والياء إذا لم يمكن السكون الحي فيهما انقلبا مديتين فأسرع اللسان حينها بتغيير حركة الفتحة الضعيفة إلى جنس ما بعدها انسياقا وراء الواو والياء المديتين لتقاربهما في كثير من الصفات[35][91].


[1][57] القصر لغة هو الحبس والمنع أي يقابل المد والزيادة واصطلاحا "ترك تلك الزيادة وإبقاء المد الطبيعي على حاله" فإذا أطلق لفظ المدّ توجه إلى قسمين الأصلي والفرعي أمّا إذا اقترن بلفظ القصر فإن المدّ يقصد به الفرعي والقصر الطبيعي لا غير... فانتبه.

[2][58] أنظر الخلاصة المهداة ص 28-97.

[3][59] قلنا تجاوزها لأن هذه اللفظة تعم الروايات الثلاث ولو اقتصرنا على روايتي قالون وحفص لقلنا، ولا تأتي بعدها أسباب الزيادة، لأنهما رحمة الله عليهما لا يعتدان بالسبب المتقدم في نحو ءادم، ايمان، اوتوا بخلاف الإمام ورش كما سيأتي في محله وبابه قريبا إنشاء الله.

[4][60] ليحذر القارئ أن يلتبس عليه مدّ التمكين الواوي مع إدغام الواو في مثلها فإنّه في هذا الأخير ترسم على الواو الثانية شدّة علامة على الإدغام بخلاف الأول ثمّ في الإدغام تكون الواو الأول واوا لينية ساكنة سكوناً حيّا ويكون ما قبلها مفتوحا وفي مدّ التمكين تكون الواو الأولى مدية ساكنة سكونا ميّتاً ويكون ما قبلها مضموما ومن أمثلة إدغام الواو في مثلها ءاوواْ وّنصروا، يتـواواْوّهم فانتبه!!!.

[5][61] في رواية حفص لأن مادة نبي تقرأ في روايتي قالون وورش بالهمز هكذا نبئ النبئين.

[6][62] خاصة بقالون دون حفص كما تقدم.

[7][63] ويسمى أيضا عوضاً -كما تقدم- فإنّ التعريفين يصدقان عليه.

[8][64] التوبة 37 وهذه اللفظ انفرد بها ورش فإن الإمامين قالون وحفص عليهما رحمة الله يثبتان فيها الهمز النسيىءُ.

[9][65] مثال للواو المشددة وقفت عليه بسورة التوبة وَ لاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً يوقف عليها بالسكون الحي مشددة عَدُوّ.

[10][66] ويلحق بهاء الضمير في هذا الباب هاء هذه في نحو قالوا هذهِ أنعام، هذه سبيلي، هذه الأنعام.

[11][67] الكلمة الأخيرة مرسومة على رواية ورش لأن قالون يمدها أملم الهمز المكسور كما سيأتي.

[12][68] لا يلتبس عليك الأمر -أخي القارئ- بالصفر الدائري الشكل "o" فإنه يرسم فوق بعض الحروف المعتلة المحذوفة وقفا ووصلا نحو: يتلوا، لأاذبحنّه، أولئك، أولو العلم،

[13][69] وافق الأصبهاني الأزرق في أحكام هذه الألفات أما أبو بكر فوافق حفص في ألف (أنا) و(لكنّا) ووافق ورش في الباقي.

[14][70] الأولى أي الكلمة الأولى التي هي وِعاء اخيه.

[15][71] الثانية أي الكلمة الثانية التي هي سوء اعمالهم.

[16][72] أي السكون.

[17][73] أآلذّكرين الأنعام 143-144 بعدِّ الكوفي أآللّه يزنس 59 النمل 59 أآلـن يونس51.

[18][74] لفظ أآلـن في روايتي قالون وورش لها أوجه أخرى سنبينها في آخر المبحث.

[19][75] وهناك طرق أخرى للتخلص من الساكنين أعرضت عن ذكرها في هذه الخلاصة.

[20][76] فاتني أن أذكر لكم أن سبب تسمية المدّ اللازم لازماً هو اتفاق جميع القراء على مدّه وعلى مقدار مدّه -وقيل غير ذلك- ويسمى المدّ اللازم بمد العدل لأنه يعدل حركة.

[21][77] نقلت هذه الأوجه الثلاثة عن حفص من المصحف الذي رسم بخط السيد مصطفى نظيف والذي راجعته لجنة مراجعة المصاحف بمشيخة الأزهر رئاسة فضيلة الشيخ عبد الفتاح القاضي ونائبه فضيلة الشيخ محمود الحصري... ظاهر ما في النشر ومن أخذت عنهم أنّه لا يمدّه بست حركات والله أعلم.

[22][78] مدّه الأصبهاني عن ورش بالتوسط أمّا أبو بكر فله فيه الوجهان التوسط والمرتبة التي فوقه دون الطول والله أعلم.

[23][79] مدّه أبوبكر كالمتصل أي التوسط والمرتبة التي فوقه دون الطول والأصبهاني عن ورش فيه الوجهان القصر والتوسط مع تقديم الأول -والله أعلم-.

[24][80] اختص به الأزرق دون الأصبهاني عن ورش.

[25][81] أبو إسحاق الجعبري شارح الشاطبية سيأتي ترجمته في آخر هذه المدونة.

[26][82] أي في بلدنا هذا.

[27][83] وليس المَوْءُودَةُ من هذا القبيل لأنّ الواو ألحقت فيها بالمعتل لشبهها به ولتغيرها في بعض مشتقات الكلمة فإنّك إن قلت يئِذ انقلبت الياء فانتبه.

[28][84] وبعضهم لم يستثنها عنه والمأخوذ به عندنا الإستثناء.

[29][85] النقل عن النشر بتصرف طفيف.

[30][86] وروي عنه المدّ كذلك.

[31][87] نض على الوجهين جميعا من المدّ وتركه ابن سفيان وابن شريح ومكي، وقال في التبصرة: وكلا الوجهين حسن وترك المدّ أقيس.

[32][88] اللين لغة هو السهولة وتقابلها الخشونة واصطلاحا هو وخروج الحرف من غير كلفة على اللسان.

[33][89] معنى هذا الكلام أنّ حروف المدّ إذا لم يجاورها سبب الزيادة جاز فيها المدّ بمقدار حركتين أمّا حروف اللين فليس فيها سوى القصر(*) والمقصود بالقصر في اللين وفي غيره ترك الزيادة وابقاء الحرف -مديّا كان أو لينيا- على حاله وأصله فخطأ وأيّما خطأ من يطن أن اللين يمدّ بحركتين...!!!

(*) القصر حبس.

** المقصود به حرف الهجاء 28 (ع) لا العين آلة النظر وغيرها.

[34][90] هذا الوجه الأخير هو الذي نص عليه أبوعمرو الداني في جميع كتبه.

[35][91] مذهب كل من الأصبهاني عن ورش وأبي بكر عن عاصم في مدّ اللين فمذهبي قالون وحفص سواء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق