قصر اللين
بين الحبس وترك المطّ
أو الزيادة حركتين في المدّ
جمع وإعداد : أبو إسماعيل فتحي بودفلة
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله
أما بعد ... فهذا بحث مختصر وجيز حاولت من خلاله بيان حقيقة القصر في مدّ اللين وأنّ المقصود من وراءه الحبس وعدم المدّ البتّة وليس حركتين كما هو شائع وذائع .... ولعل الذي نشّطني وقوّى همتي لتسويد هذه السطور هو جهل خاصة المنتسبين لهذا العلم فضلا عن عامة الناس بهذا الحكم الظاهر البيّن ...لا , بل تراهم ربّما يرمون من قال به بالخروج عن الرواية والسند ومخالفة الإجماع حينا وبالجهل وإثارة القلاقل والفتن حينا آخر ... فلربما استطاعت هذه المحاولة إزاحة الغبار عن هذا الحكم المتعلق بكتاب ربنا العزيز الحكيم ولربما استطاعت هذه اللفتة أن تكشف العيّ عن الجاهل وتقطع العذر والحجة عن الطاعن
ولقد ابتدأتها بنقل نصوص عن أئمة أعلام يثبتون هذا الحكم ويقررونه حتى لا يقال هذا حكم مبتدع لم يقل به أحد أو أنّه اجتهاد خاص, ثم أردفت ذلك ببيان شبه القائلين إنّ المقصود بالقصر حركتين كمدّ العارض سواء , وأوّل ما عرضت له في هذا المبحث حقيقة جليلة يراها كثير من الدارسين والمهتمين السبب الرئيس والأول من وراء أكثر ما ولج هذا العلم من اللحن والخطأ ألا وهو قلّة الاعتناء بالجانب النظري وعدم العودة لأصول هذا العلم وأمهات كتبه حتى تتطابق المسائل العلمية التي قعّدها وقرّرها القدماء وما جاء في أسانيد المتأخرين التي كثرة وسائطها وتعددت اجتهادات رجالها ... وليس في هذا شيء من الطعن في السند والرواية أبدا بل العمدة في نقل كتاب الله المشافهة والرواية ولا سبيل لأخذ القراءة والتجويد إلاّ بالسند الموصول إلى نبي الأمة صلى الله عليه وسلم ... إنّما هي دعوة إلى تصحيح ما نقله المتأخرون وفق ما سطره المتقدمون يقول الإمام المرعشي عليه رحمة الله :" ولمّا طالت سلسلة الأسانيد تخلل أشياء من التحريفات في أداء كثير من شيوخ الأداء ...... فوجب علينا أن لا نعتمد على أداء شيوخنا كلّ الاعتماد , بل نتأمّل فيما أودعه العلماء في كتبهم من بيان مسائل هذا الفنّ ونقيس ما سمعنا من الشيوخ على ما أودِع في الكتب ..." وسيأتي كلامه كاملا إن شاء الله ... ولتأكيد هذه الحقيقة يكفي أن يتساءل الواحد منّا كيف يعقل أن يخالف الرجل المتأخر في السند المتقدم في ذات السند لو لم يكن في السلسلة والنقل خلل ..... وبعد ذكر هذه اللّطيفة سردت شبه القائلين بحركتين محاولا تفنيدها وبيان بطلانها وختمت المدونة بأدلة القائلين بالحبس وعدم المدّ البتّة .... والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
ملحوظة 1 : قد يستثقل ويستهجن القارئ بعض النصوص المكررة في مختلف مباحث هذا المختصر وسبب ذلك اختلاف المأخذ فيها ووجه الدلالة منها فقد أورد القول الواحد في التنصيص على معنى القصر ثم أورد نفس النص إذا تعلق الأمر بعلة الحبس ودليله ولربما عاودت إيراده لإبطال شبه من يرى بالمدّ , فالنصّ واحد ولكن النظرة إليه تختلف باختلاف المجال الذي سيق فيه
باب ذكر نصوصٍ وأقوال صريحة وظاهرة في كون المراد بالقصر هو الحبس وعدم المدّ البتّة :
قال الإمام الحصري في أحكام القرآن : "وينبغي أن يُعلم أنّ المراد بالقصر في حرفيّ اللين حذف المدّ منهما مطلقا , بحيث يكون النطق بهما عند الوقف كالنطق بهما عند الوصل , إجراءً لهما مَجرى الحروف الصحيحة , كما يؤخذ من النشر"[1]
ويقو الإمام المرعشي عليه رحمة الله : "اعلم أنه ليس في بحرفي اللين مدٌّ طبيعي كما سبق ، فمعني القصر فيهما في الاستعمال الأكثر : سلب المد بالكلية"[2]
وقد أورد الأستاذ محمود محمد عبد المنعم محمد في "الروضة الندية" هذا القول مقرّاً وغير منكر معنونا له بفائدة[3]
ونسبه الدكتور احميتوا في موسوعته العدد 28 عند تعرضه للمسألة لكل من الخراز في القصد النافع (لوحة 118) وتبعه ابن المجراد في الإيضاح (لوحة58)
قال الإمام الشاطبي :
وَإنْ تَسْكُنِ الْيَا بينَ فَتحِ وهمزةٍ | بكِلْمةٍ أو واوٍ فوجهان جُمِّلا |
بطولٍ وقصرِ وَصْلُ وَرْشٍ ووَقْفُهُ | وعند سكون الوقف للكلّ أعْمِلا |
وعنهم سقوطُ المَدِّ فيه وورشُهُم | يوافقهم في حيثُ لا همزَ مُدْخَلا |
ورغم اختلاف القراء في معنى قوله "سقوط المدّ" إلاّ أنّه ظاهر في ذهابه وتركه من جهة اللغة أوّلا إذ السقوط ها هنا مرادفٌ ومساوٍ للحذف والذهاب والترك .
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنّ أعرف الشراح بالناظم تلميذُه الذي أخذ عنه مباشرة الإمام السخاوي عليه رحمة الله يقول في شرحه : "فقد صار للقراء في الياء والواو المفتوح ما قبلها عند سكون الوقف ثلاثة مذاهب : ـ إسقاط المدّ وهو مذهب النحويين لذهاب معظم المدّ واللين بتغير الحركة[4] , ولكون سكون الوقف عارضا , وكلّ واحد من هذين يوجب ترك الزيادة . واعتل الذين مدوا زائدين في التمكين[5] , بالفصل بين الساكنين , ولم يفرقوا بينه وبين الضرب الأوّل ؛ الواو المضموم ما قبلها والياء المكسور ما قبلها."[6]
ثم ثاني أشهر شراح الشاطبية تلميذ السخاوي الإمام الجعبري عليه رحمة الله يقول في شرح البيت الأخير : "ولم أقف على نصٍ في اللين والمفهوم من القصيد القصر قُصور"[7]
وقد أورد الشيخ محمد عبد الدايم خميس في شرحه للشاطبية عند تعرضه لذات البيت القولان ـ المدّ والحبس ـ مقدما القول الثاني بتقديمه أولا وبوسمه بأنّه "الأَوْلَى" وهذا نصّ كلامه " تهميشة : يؤخذ من تعبير الناظم بكلمة سقوط المدّ فيه إشارة إلى قاعدتين في حقيقة معرفة اللين : الأوْلى: أنه لا مدّ في اللين أصلا , فلسقوطه وحذفه في الوصل وهو الأصل , فالأولى سقوطه وحذفه في الفرع وهو الوقف , لأنّ الفرع يتبع الأصل غالبا فإذا وَصَلَ وجد به حركة واحدة فرقا بينه وبين حرف المدّ فأنّ قصره حركتان وهذا فيه حركة , وعلى هذا يكون قصره بحركة ومدّه بخمس حركات والتوسط ثلاث . الثاني : أي أنّ المراد من سقوط المدّ في اللين , أي ترك الزيادة التي تشمل التوسط والطول , فلا يبقى إلاّ القصر الذي يقدر بحركتين على تقدير بأنّ السكون الأول قائم مقام حركة ثم أتى بحركة فاصلة بين الساكنين , أو بحمله على ما فيه حرف المدّ , لاتفاقهما في صفة اللين فتساويا في القصر حركتين والتوسط أربع والمدّ ستّ " [8]
وممّن ذكر الخلاف وأنّ الوجهين معمول بهما الشيخ السادات السيد منصور أحمد أحد كبار علماء الأزهر الشريف في تعليقه على الروضة الندية بقوله " والقولان معمول بهما " [9]
وممّن ذهبوا إلى ترك المدّ في اللين ولكن باصطلاحات أخرى غير الحبس ابن يالوشة باستعمال لفظ الاستغناء عن المدّ يقول عليه رحمة الله : ".... ووجه القصر أنّ الوقف يجوز فيه التقاء الساكنين مطلقا فاستغني عن المدّ ...."[10]
وباصطلاح إسقاط المدّ تقدم قول السخاوي [11] والجعبري [12] والبيت مائة وواحد وثمانون (181) من حرز الأماني للشاطبي ولعل من أبرز ما يدلّ على أنّه رحمه الله إنّما أراد بالقصر الحبس وعدم المدّ البتّة ـ إضافة إلى شرح تلميذه السخاوي الصريح في ذلك ـ أنّه عليه رحمة الله ذكر حكم اللين الهمزي لورش في نحو شيء وسَوء وقال أنّ له فيه المدّ أي الطول وقصر المدّ يقصد به التوسط ـ بلا خلاف بين الشراح ـ وصلا ووقفا بقوله : "بطول وقصر وصل ورشٍ ووقفُه " ثم انتقل للحديث عن الجماعة أي جميع القراء سوى ورش فذكر أنّ هاذين الحكمين والوجهين جائزان للجماعة في الوقف بالسكون وترك ذكر الهمز لأنّ سبب المدّ عندهم هو السكون لا الهمز حيث قال :"وعند سكون الوقف للكلّ أعمِلا " إلى هنا لم يتكلم الناطم إلاّ على حكمي التوسط والطول أما القصر وهو سقوط المدّ فهو جائز للجماعة سوى ورش في حالتي الوصل والوقف نصّ على ذلك بقوله :"وعنهم سقوط المدّ فيه"[13] ولو زعم أحدهم أنه عليه رحمة الله ما قصد بهذا الحكم إلاّ الوقف للزم من ذلك أنّ الإمام الشاطبي ترك بيان حكم اللين في الوصل عند الجماعة وهذا بعيد في حقّ هذا العالم الرباني الجهبيذ النحرير
وبهذا الاصطلاح "سقوط المدّ" عرّف ابن القاصِح القصر في اللين وسيأتي كلامه كاملا إن شاء الله [14]
وفي الباب نصوص كثيرة سيأتي ذكر بعضها في طيّات هذا المختصر
موطن الخلل وأصل اللحن عند القائلين بأنّ القصر في اللين يقصد به حركتان :
وقبل ذلك لا بدّ من تمهيد ببيان عوامل وأسباب منشأ هذا الخلاف وغيره عند المتأخرين والمعاصرين منهم على وجه الخصوص
q أوّلا: جهد القراء قديما وحديثا انصبّ على الجانب العملي التطبيقي وهو الأخذ والسماع والقراءة والإقراء وذلك لأهميته ولأنه هو الأصل في نقل أحكام التلاوة ومبادئ القراءة ... ولم يهتموا كثيرا بجانب التقعيد والتنظير لهذه الأحكام وتفصيل حدودها وتعريفاتها ... وليس أدلّ على ذلك ممّا يلي :
Ø قلّة ما ألفوه من الكتب مقارنة مع باقي العلوم : العقيدة , الفقه , التفسير , الحديث ...
Ø صياغة كتب المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين جلّها وأغلبها تكاد تكون كلّها قائمة على طريقتهم العملية في القراءة والإقراء أي البداية من أوّل الفاتحة إلى آخر الناس متتبعين أحرف الخلاف واحدا واحدا وليس على طريقة المصنفين (كما هو الحال عند المحدثين في المصطلح) ولا على طريقة المنهج الترتيبي (أبواب وفصول ومباحث ومطالب كما هو الشأن عند الفقهاء والنحاة) ولا على طريقة المناطقة (القائمة على التعريفات والحدود )
Ø كثرة الخلاف بين مدارس القراء في الاصطلاحات (مصر الشام الحجاز العراق الأندلس والمغرب...) فلا تكاد تجد مصطلحا إلاّ والخلاف فيه مشهور ثم إنّ هذا الخلاف في الأسماء والمصطلحات سرعان ما أصبح عند المتأخرين والمعاصرين خلافا في الأحكام ذاتها
q يقابل هذا العامل زهدهم في الجانب النظري
q ما يصيب المشافهة من آفات الزيادة والنقصان والنسيان وغيرها من العلل بسبب بعد السند وطول المدّة بين أوّله وآخره وكثرة رجاله ....
q ما أحدثه المعاصرون من اصطلاحات حادثة واجتهادات خاطئة وقياسات غير صائبة
q عدم العودة والاستعانة بالأمهات والأصول من الكتب التي ألفت قديما في هذه الصناعة
يقول الداني عليه رحمة الله : " وقراء القرآن متفاضلون في العلم بالتجويد والمعرفة بالتحقيق فمنهم من يعلم ذلك قياسا وتميّزا وهو الحاذق النبيه ومنهم من يعلمه سماعا وتقليدا وهو الغبي الفهيه[15] , والعلم فطنة ودراية آكد منه سماعا ورواية , وللدراية ضبطها ونظمها وللرواية نقلها وتعلمها , والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ..."[16]
ويقول الأستاذ فرغلي سيد عرباوي[17] متحدثا عن الزهد في أمهات كتب القراءات والتجويد وخطر المختصرات والموجزات المعاصرة وما قد يطرأ على الرواية والمشافهة من التغيير والتبديل وأنّه لا بدّ من عرضها على الأصول .... "إنّ كتب علم التجويد القديمة تكاد تكون مجهولة لدى معظم المشتغلين بالدراسات التجويدية في الوقت المعاصر , وهي تكاد تكون مجهولة أيضا لدى بعض المشتغلين بعلوم القرآن , ولا يزال معظمها مخطوطا بعيدا عن متناول أيدي الباحثين ولعل ذلك هو أحد الأسباب التي حالت بين الباحثين المعاصرين والاستفادة من المادة التجويدية الدقيقة التي تضمنتها تلك الكتب , ولعل البعض يشاركني الرأي أنّ الرسائل الموجزة المختصرة جدّا التي كتبها المتأخرون وبعض المعاصرين المحدثين, كانت من بين الأسباب التي صرفت الدارسين عن تتبع كتب علم التجويد القديمة ودراستها والاعتماد عليها , وذلك لما غلب على تلك الكُتَيِّبات من الإيجاز الذي يؤدي بدوره إلى غموض بعض العبارات في كثير من الأحيان[18] .... وقد دخلت بعض الاجتهادات الشخصية في صلب هذه الكتب , ممّا وقعت به المخافة للأصول المقررة عند الأئمة المعتبرين الأوائل و وأصبحت هذه الكتب في عرف الناس صالحة للاحتجاج لإثبات إيّ قضية من قضايا التجويد , والحقّ الذي لا ريب فيه أنّ ثبوت قضايا التجويد الاحتجاجية تؤخذ ممّا سطّره علماء السلف الأوائل . وتنوعت في وقتنا المعاصر , وسائل تعليم التلاوة , ومنها كتب علم التجويد ومنها حلقات التعليم على يد المشايخ والمعلمين , ومنها الأشرطة الصوتية ومنها الأشرطة المرئية والمسموعة ومنها الحاسوب بتقنياته العالية ... والمتأمل في كتب تعليم قواعد التلاوة المؤلفة في السنين الأخيرة خاصة , المتناثرة في السوق المحلية للتجويد والمستمع لأداء المرتلين من جيل الشباب على وجه الخصوص , تستوقفه ملاحظات وظواهر أدائية تتعلق بتلاوة القرآن , وبأحكام التلاوة المدوّنة في تلك الكُتيبات والأسباب هي أنّ الأداء المنطوق أصابه تلوث العاميات المعاصرة , والمكتوب أصابه الخلل بسبب التقعيد لهذه اللهجة العامية , ونلحظ كذلك تباينا ظاهرا بين أداء بعض الأحكام وطريقة وصفها في كتب التلاوة و كما أنّ هناك اختلافا بين نطق عدد من الأحرف الفصيحة التي نزل بها القرآن وبين طريقة أدائها ووصفها في الكتب المعاصرة . وكان ذلك قد لفت نظري منذ سنوات وكتبت عدة أبحاث في فترات متتابعة تعالج بعضا من تلك الظواهر الأدائية في التلاوة وصارت عندي قناعة بضرورة اعتناء القائمين على أمر تعليم تلاوة القرآن بتلك القضايا حتى تلتقي كلمتهم على رأيٍ موحّد فيها وحتى تتوحد صور الأداء فالمصريّ يقرأ وحدات القرآن الصوتية بلهجته العامية والشاميّ يغلب على أدائه الإمالة في بعض الحروف وكذلك أهل الخليج غلب عليهم بعض الظواهر البدوية النّبطية , وأهل المغرب العربيّ لهم ظواهر خاصة في الأداء ويستطيع المستمع المدقق أن يحكم على القارئ من أيّ الديار هو بسبب لهجته العامية فمثلا استمع لقارئ من افريقيا أو السودان أو من العراق ستجد تباينا بين لهجة هؤلاء وهؤلاء والكلّ يدّعي أنه بلغ ذروة سنام الإتقان ويرمي غيره بالجهل بالأداء وحنكته . وأنادي إلى صياغة كتب التجويد الحديثة بالاعتماد الكليّ على ما سطّره الأوائل في مصنّفاتهم , فهم أقرب لعصر السلف والأحرى بنا التمسك بما نقلوه لأنهم قوّة علمية لا قبل لنا بها ... ولا شكّ في أنّ قراءة القرآن سنة يأخذها الآخر عن الأوّل وتعتمد على المشافهة والتلقي لكن قد يصيب التلقي تلوث اللهجات العامية بسبب طول سلسلة الأسانيد أو بسبب تغير المشافهة كما يقول محمد المرعشي ( 1150 هـ) : "لمّا طالت سلسلة الأداء تخلل أشياء من التحريفات في أداء كثير من شيوخ الأداء , والشيخ الماهر الجامع بين الرواية والدراية , المتفطّن لدقائق الخلل في المخارج والصفات , أعزّ من الكبريت الأحمر ... فوجب علينا أن لا نعتمد على أداء شيوخنا كلّ الاعتماد بل نتأمل فيما أودعه العلماء في كتبهم من بيان مسائل هذا الفنّ ونقيس ما سمعنا من الشيوخ على ما أودِعَ في الكتب فما وافقه فهو الحقّ وما خالفه فالحقّ ما في الكتب ..." [19]
شبه المجيزين لحركتي المدّ في اللين :
1) التقاء الساكنين : يقولون لأنّه يمتنع التقاء الساكنين فلا بدّ من الزيادة في مدّ ومطّ حرف اللين للتخلّص من التقاء الساكنين أو للتوصّل إلى النطق بهما معا .... وهذا باطل لأنّ اجتماع الساكنين جائز في الوقف ولا محضور فيه وانظر مثلا الوقف على : خبْءْ , ملْءْ وفي اللغة نحو بكْرْ وعمْرْ ... يقول ابن يالوشة عليه رحمة الله :" ووجه القصر (يقصد في اللين) أنّ الوقف يجوز فيه التقاء الساكنين"[20] ويقول الإمام النويري :" الثالث : القصر لأنّ الوقف يجوز فيه التقاء الساكنين مطلقا فاستغني عنه (أي عن المدّ) " [21] ويقول الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله :" والقصر لجواز التقاء الساكنين في الوقف فاستغني بالسكون عن المدّ " [22] ولا داعي للإكثار من النقول ها هنا لأنه ما من كتاب في التجويد أو القراءات أو اللغة إلاّ وتجد هذه المسألة مذكورة ومضبوطة
2) إلحاقهما وقياسهما بحرفي المدّ : يقول سيبويه : "لا يدغمان وإن انفتح ما قبلهما مع شيء من مقاربها لأنّ فيهما لينا ومدّا " وقال أيضا : "وذكر أنّ العرب الذين ينقلون الحركة في الوقف في نحو بكر لا تنقل الحركة إلى الساكن قبل في الوقف على مثل زيد و عون لوجود المدّ واللين في هاذين الحرفين " فانظر كيف جعل فيهما المدّ واللين تماما كما في حروف المدّ الثلاث وقد جاءت الياء المفتوح ما قبلها مع حرفي المدّ واللين ردفاً في الشعر كما قال عمرو بن كلثوم : كأنّ غصونهنّ متون غدرٍ تصَفِّقُها الرياحُ إذا جريْنا والقصيدة مبنية على الياء المكسور ما قبلها ويقول الأستاذ المارغني : فوجه جواز الأوجه الثلاثة في حرفي اللين الواقع بعدهما سكون عارض للوقف أنهما أشبها حروف المدّ في السكون وفي شيء من المدّ واللين كما تقدم , فحملا على حروف المدّ فجاز فيهما ما جاز في حروف المدّ الواقع بعدها ذلك " [23] وللردّ على هذه الشبهة نقول إنّ الإلحاق والقياس المطلق لا نسلم به ابتداء بل الفرق بين حرفيّ اللين وبين حروف المدّ واللين ظاهر , إنْ في الصفة أو القوة , وحتى الذين يعتمدون هذا القياس لاحظوا هذه الفروق وذكروا أنهما ليسا في نفس المرتبة من حيث القوة ومن حيث المدّ والمطّ يقول ابن الجزري عليه رحمة الله : "وقد اختلف في إلحاق حرفي اللين بها (أي بحروف المدّ) وهما الياء والواو المفتوح ما قبلهما فوردت زيادة المدّ فيهما بسببي الهمزة والسكون إذا كانا قويين[24]. وإنما اعتبر شرط المدّ فيهما مع ضعفه بتغير حركة ما قبله لأنّ فيهما شيئا من الخفاء وشيئا من المدّ وإن كان أنقص في الرتبة ممّا في حروف المدّ ."[25] ولهذا ذكر في "فصل في قواعد مهمة في المدود" [26] :" مسائل : الأولى لا يجوز مدّ نحو خلَوْا إلى و ابنَيْ ءادم كما تقدم وذلك لضعف الشرط باختلاف حركة ما قبله والسبب بالانفصال...."[27] ولو كان حرف اللين كحرف المدّ واللين لجاز في خلوا إلى المدّ كما جاز في بما أنزل ولجاز في شَيْء ما يجوز في سِيء ولجاز في العين من كهيعص ما يجوز في صادها وكافها ... فلماذا تختلف حروف اللين عن حروف المدّ واللين في جميع أحكام المدّ ثمّ ندعي اتفاقهما في اللين العارض أليس من القياس الصحيح والمنطق الصريح أن يقال باختلافهما هنا كذلك
3) ثقل النطق باللين دون مدّ : قال الشيخ محمود علي بسّة[28] : " وأما القصر إلى حركتين مع أنه لا يمدّ عند الوصل أبداً بخلاف المطلق الذي يمدّ عند الوصل حركتين , فعلّته هي إجراء اللين العارض للسكون مجرى المدّ العارض للسكون المطلق واعتبار حرف اللين كحرف المدّ عند الوقف على ما بعده تسهيلا للنطق , وإلاّ فلو أعطي اللين عند الوقف على ما بعده حكمه في الوصل فلم يمد أبداً لكان ثقيل النطق لشبهه إذ ذاك وبعده السكون العارض بالساكنين الأصليين الصحيحين المتلاقين اللذين يتعذّر النطق بهما , غير أنّ هذا أحد سكونيه المتلاقين لين والآخر عارض . ولهذا يكون تقبّل النطق فقط لا متعذراً , ولا يزول هذا الثقل إلاّ بفضل سكون اللين عن السكون العارض بعده بالمدّ حركتين ...."[29] والردّ على هذه الشبهة من وجهين : ـ الأوّل شبهة تعذر النطق بالساكنين حالة اجتماعهما تقدم الحديث عنها باستفاضة وإسهاب والجميع يقرأ القدْسْ وجنْسْ وبكْرْ وعمْرْ ـ الثاني ؛ إذا كانت الزيادة في مطّ حروف اللين من أجل السكون العارض فلم تُرِكتْ من أجل ما هو أقوى من السكون العارض , السكون الأصلي في العين من كهيعص والهمز المتصل في نحو شيء......
4) شبهة الرواية والمشافهة : يقولون : إنّ الرواية والمشافهة والسند الصحيح المتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم على مدّ حروف اللين في الوقف مقدار حركتين .... والجواب : إنّ رواية أخرى ومشافهة أخرى وسند متصل برسول الله صلى الله عليه وسلم على عدم مدّ حروف اللين حالة الوقف مقدار حركتين ..... فليس هذا السند بأولى من ذاك .... ولأنّ الرواية ـ كما تقدم ـ قد يطرأ عليها ما يغيّرها ويشينها فلا بدّ حينها من العودة إلى أصول هذه الرواية والوقوف على بعض ما ألّفه رجالها كابن الجزري والشاطبي والداني إذْ كيف تدعي هذا الحكم وتنسبه إلى سندك وأحد رجال هذا السند ينكره ـ خاصة وأنّ هذا المنكر أعلى رتبة من المثبت سندا وعلما ـ فلا بدّ أنّه قد وقع خلل وأنّ أحد رجالات السند بعد هذا الشيخ (المنكر) قد أدخل فيه ما ليس منه . ولهذا قال الإمام المرعشي : "لما طالت سلسلة الأداء تخلل أشياء من التحريفات في أداء كثير من شيوخ الأداء ..... فوجب علينا أن لا نعتمد على أداء شيوخنا كلّ الاعتماد , بل نتأمّل فيما أودعه العلماء في كتبهم من بيان مسائل هذا الفنّ , ونقيس ما سمعنا من الشيوخ على ما أودع في الكتب فما وافقه فهو الحقّ وما خالفه فالحقّ ما في الكتب " [30]
5) نصوص كثيرة دلّت على جواز مدّ اللين مقدار حركتين : والردّ عليها من وجهين كذلك أولا: ليس في نصوص المتقدمين ما يدلّ على ذلك دلالة صريحة . ثانيا: قولهم "إجراؤها مجرى حروف المدّ " لا يقتضي ذلك لأنّ الإلحاق والإجراء هنا باعتبار جواز ثلاثة أوجه المدّ ؛ القصر التوسط والطول ولا أحد ينكر ذلك , فالخلاف إنما هو واقع في طبيعة وحقيقة القصر المنصوص عليه هل هو كحروف المدّ حركتين وهذا الذي يقول به كثير من المعاصرين ويعوزهم النقل الصحيح الصريح على ذلك , أم هو عدم المدّ البتّة والذي يقول به إمام المعاصرين بلا منازع الشيخ خليل الحصري رحمه الله وإمام المحققين ابن الجزري عليه رحمة الله وبعض الأئمة المتقدمين كالسخاوي والجعبري وغيرهم ....
أدلة القائلين بعدم جواز مدّ اللين بمقدار حركتين وأنّ المراد بالقصر فيه عدم المدّ البتّة
1) الأدلة المتعلقة بتعريف القصر في الاصطلاح : تعريف القصر في اصطلاح وعرف القدماء ـ وهو الذي ينبغي أن يكون عند جميع القراء ـ ليس المدّ بمقدار حركتين بل هو قراءة الحرف بما في أصله من الصفات والأحكام دون زيادة عليها . وهو بهذا المعنى قريب جدّا من معناه اللغوي المنقول عنه ألا وهو الحبس ومنه قوله تعالى "حور مقصورات في الخيام" أي محبوسات فيها لا يخرجن منها ... ولنتأمل دلالات هذا الاصطلاح في غير اللين ...
أ) بناءً على التعريف المتقدم فإنّ القصر في حروف المدّ واللين أن تمدّ مدا طبيعيا بمقدار حركتين هو مدّ الذات سمي كذلك لأنّ ذات الحرف لا تقوم إلاّ به فهو داخل في بنية الكلمة أصليٌّ فيه , وهو حقّ الحرف لأنه صفة لازمة فيه تلابسه في جميع أحواله ...
ب) وبناء على ذلك فإنّ اصطلاح القصر في الهمز المسهل هو قراءتها دون زيادة على ما في أصلها أي دون زيادة لألف الإدخال أو ما يسمى بمدّ الحجز وهو مدّ زائد يستعمل للتّوصل إلى التلفّظ بالهمز دون كلفة في نحو: أإنا , أأنزل, أأنتم ... يقول الإمام الشاطبي عليه رحمة الله :
وَإنْ همزُ وصلٍ بين لامٍ مُسَكّنٍ | وهمزةِ الاستفهامِ فامدده مُبدلا |
فللكلِّ ذا أولى ويَقْصُرُه الذي | يُسهِّلُ عن كلٍّ كآلان مُثِّلا[31] |
أشار في البيت الأول إلى وجه الإبدال بالطول في آلذكرين ءآلله ءآلان وفي البيت الثاني إلى وجه التسهيل فيها ومعنى يقْصُرُه هل هو مدّه بمقدار حركتين كما هو مدلول لفظة القصر عند البعض ؟ .... لا !! ... هذا لا يصحّ بحال من الأحوال ولم يقل به أحد , بل المقصود بقصر الهمز ها هنا هو قراءتها دون زيادة عليها بشيء ممّا في أصلها ....ومثل ذلك قول رضوان المخللاتي في رسالة ءآلان عند حديثه على وجه تسهيل الهمز "تسهيلها بين بين مع القصر" بمعنى تسهيلها بين بين دون زيادة على ما في أصلها من الصفات والأحكام ولم يقل أحدٌ بخلاف هذا . ومثله قول ابن الجزري في الطيبة :
وهمزُ وصلٍ من كآلله أذِنْ | أبدلْ لكلٍّ أو فسهّلْ واقصُرَنْ |
قال الشيخ محمد سالم محيسن مستشهدا بهذا البيت ومبيّنا الأوجه الجائزة في ءآلله :"الأول إبدال همزة الوصل ألفا مع المدّ المشبع للساكنين , الثاني تسهيلها بين بين مع القصر " فهل المقصود بالقصر هنا حركتين ؟ أبدا ... بل المقصود كما قدمنا قراءة الهمزة مسهّلة دون الزيادة عليها بشيء من خارج ما فيها من الصفات والأحكام
ج) وبناء على ذلك ـ أيضا ـ فإنّ القصر في هاء الضمير أو الكناية هو تحريكها دون إضافة مطّ أو حكم زائد على أصلها ... بخلاف اصطلاح المدّ أو الصلة أو الإشباع فهو زيادة مدّ الهاء وبخلاف الإسكان أو الاختلاس فهو حذف التحريك وتركه يقول الأستاذ الدكتور عبد العلي المسئول في كتابه القيّم "معجم مصطلحات علم القراءات القرآنية وما يتعلق بها" : "القصر ... حذف الصلة من هاء الكناية وهو المرادف للاختلاس في باب هاء الكناية "
واصطلاح القصر بالمناسبة أضبط وأدقّ من الاختلاس لأنّ الثاني فيه إشعار بالحذف والترك بخلاف الأوّل فإنّه إنما يفيد ترك الشيء على ما هو عليه في الأصل وفي هذا المعنى يقول ابن بري عليه رحمة الله :
القول في هاء ضمير الواحدِ | والخلفُ في قصرٍ ومدٍّ زائدٍ |
قال الشارح : " ومراده بالقصر في هذا الباب حذف الصلة وبالمدّ إثباتها وهو اصطلاح المتقدمين من القراء والنحويين كما ذكره الداني ..."[32] ولو رجعت إلى أمهات كتب القراءات والتجويد لوجدتها مفعمة باصطلاح القصر في باب هاء الكناية , فانظر مثلا النشر 1\ 304 ...إلى 313 وقول الإمام الشاطبي :
وقلِ بسكون القافِ والقصرُ حفصُهم | ويأته لدى طه بالإسكان يُجتلى (162) |
وفي الكلّ قصرُ الهاء بانَ لسانُه | بخلفٍ وفي طه بوجهين بجّلا (163) |
وإسكان يرضهُ يُمْنُهُ لُبسُ طيّبٍ | بخلفهما والقصرَ فاذكره نوفلا (164) |
فلا أحد يزعم أنّ القصر ها هنا هو المدّ بمقدار حركتين كما قيل في اللين خاصة ......
د) وبناء على ما ذكر فإنّ القصر في اللين هو ذاته القصر في المدّ والقصر في هاء الكناية والقصر في الهمز المسهل عند المتقدمين وهو ترك الحرف على ما فيه من الصفات والأحكام دون زيادة , ولا ينبغي العدول عن هذا الأصل حتى يثبت خلافه بالنّص الواضح المحقق المضبوط الذي لم يعتره التصحيف والتحريف وبالمشافهة والرواية المتواترة الصحيحة والتي لم يعتريها التغيير والتبديل كما قال الإمام المرعشي ونختم هذا المبحث بنقل تعريف القصر في حرفي اللين والمدّ عند الأستاذ الدكتور عبد العلي المسئول : " إثبات حروف المدّ أو حرفيّ اللين فقط من غير زيادة عليها " [33]
2. الأدلة والقرائن المتعلقة بتوجيه القصر في اللين :
Ø إلغاء إلحاقهما بحروف المدّ : قال الشيخ محمد عبد الدايم خميس : " وأما من مدّ اللين فقد حمله على حروف المدّ واللين ومن قصرها راعى الأصل "[34] وقال الأستاذ المارغني : "ووجه القصر إلغاء الشبه المذكور لمفارقتهما للواو والياء المديتين في عدم مجانسة الحركة لهما و في كثير من الأحكام "[35] قال الإمام السخاوي : "واعتلّ الذين مدوا زائدين في التمكين بالفصل بين الساكنين ولم يفرقوا بينه وبين الضرب الأول , الواو المضموم ما قبلها والياء المكسور ما قبلها "[36] ويقول الشيخ محمد محيسن سالم : "القصر لجميع القراء عدا الأزرق وذلك لعدم إلحاقهما بحروف المدّ والمراد بالقصر هنا عدم المدّ بالكلية "[37] والمقصود ها هنا بكلّ إيجاز واختصار أنّه إذا كان سبب المدّ في حروف اللين هو إجراؤها مجرى حروف المدّ فإنّ إلغاء هذا القياس والإلحاق حالة القصر يقتضي عدم المدّ البتّة لأنّها لا تُجرى مجراها ولا تقاس عليها
Ø إجراؤها مجرى الحروف الصحيحة : قال الإمام النويري : " ... الثالث : إجراؤها مجرى الصحيح فلا يزاد في تمكينها على ما فيها وهذا مذهب ابن سوار وسبط الخياط والهمذاني وهو اختيار متأخري العراقيين قاطبة ...."[38] ويقول الحافظ الإمام المحقق ابن الجزري : "... ومنهم من أجراها مجرى الحروف الصحيحة فلم يزد في تمكينها على ما فيها ..."[39] وقال أيضا : " والقصر وهو مذهب الحذاق كأبي بكر الشذائي والحسن بن داوود ....... وغيرهم وأكثرهم حكى الإجماع على ذلك وأنّها جارية مجرى الصحيح ....."[40] وإذا أجريت مجرى الحروف الصحيحة فهي كالباء والفاء والقاف والدال سواء , فكما لا يجوز المدّ في حلْقْ , برْقْ , ظلْمْ , حمْلْ فكذلك لا يجوز في صيْفْ , خوْفْ وبيْتْ
Ø عدم الاعتداد بالعارض : والمقصود بالعارض ها هنا سكون الوقف . قال الإمام النويري : "الثالث : القصر لأنّ الوقف يجوز فيه التقاء الساكنين مطلقا , فاستغني عنه أو لعدم الاعتداد بالعارض وهو مذهب الحصري واختاره الجعبري وغيره"[41] وقال الاستاذ المارغني : "وأما غير ورش كقالون فسبب المدّ عنده هو سكون الوقف , فإذا اعتبره مدّ أو وسّط وإذا ألغاه قصر" [42] يقول الإمام السخاوي : "فقد صار للقراء في الياء و الواو المفتوح ما قبلها عند سكون الوقف ثلاثة مذاهب إسقاط المدّ وهو مذهب النحويين لذهاب معظم المدّ واللين بتغير الحركة ولكون سكون الوقف عارض"[43] ووجه الدلالة بهذه النصوص أنّه إذا كانت الزيادة في المطّ من أجل الاعتداد بالعارض وهو السكون ها هنا فإنّ القصر بسبب عدم الاعتداد بالعارض وإنما بالأصل وهو الحركة فحكم قريْشْ في الوقف كحكم قريْشٍ في الوصل سواء وهو القصر بمعنى عدم المدّ البتة
Ø إجراؤها مجرى الوصل ومراعاة الأصل : أي مراعاة ما كانت عليه قبل الوقف عليها قال في النفحات الإلهية : "ومن قصرها راعى الأصل" [44] وقد تقدمت أقوال كثيرة نصّت على أنّ القصر فيها اعتدادا بالوصل ولا يخفى على اللبيب الفطن أنه إذا حملت على الوصل فلا مدّ فيها وكذلك إذا حملت على الأصل
3. إذا كان المقصود بالقصر في اللين اللازم عدم المدّ البتّة فكيف يعقل أن يكون في العارض بمقدار حركتين :
· بيان قوّة المدّ اللازم : تتفاوت المدود باعتبار القوة والضعف تبعا لقوة وضعف الشرط (حروف المدّ) والسبب (الهمز والسكون) وقد وضع القراء قواعد ومعالم تعرف بها درجات القوة والضعف في المدود انظرها بتفصيل دقيق محكم في " فصل في قواعد في هذا الباب مهمة " في باب المدود من كتاب النشر [45] ولتعلم أنّ مراتب مدود اللين في هذا الباب ثلاث هي اللين اللازم في اسم العين من فاتحة الشورى ومريم كهيعص وحم عسق وهي أقواهنّ على الإطلاق لقوة سببها ؛ السكون الأصلي ولهذا السبب مدّت عند الجميع بأوجه المدّ الثلاث وأكثرهم يرجحون فيها الإشباع والطول يليها في المرتبة اللين الهمزي في نحو شَيء وسَوء واختصّ الأزرق عن ورش بمدّه في جميع القرآن وحمزة في بعض طرقه وفي أحرف مخصوصة ثمّ اللين العارض وهو أضعفهنّ لعروض سببه ؛ سكون الوقف
· يقول الإمام مكي مرجحا قوة اللين اللازم في حرف العين من فاتحة مريم والشورى إلى درجة أنه لا يفرق بينه وبين المدّ اللازم : "فأما عين من عسق و كهيعص فمن القراء من يمدها أقلّ من غيرها لأنّ الأوسط حرف لين , ومنهم من يمده كغيره ومنهم من يمده لورش وحده , ومده عندي لجميعهم أشبه وأقيس لأنّ المدّ واجب لالتقاء الساكنين , فحرف اللين في أخرى المدّ فيه كحرف المدّ واللين , وإنما يتمكن المدّ في حروف المدّ واللين أكثر من حروف اللين مع الهمزات , فأمّا في التقاء الساكنين فالحكم فيه سواء , وقد قرأتُ بالوجه الأوّل أعني بترك إشباع المدّ فيه وبه آخذ من أجل الرواية وأختار الثاني لقوته في القياس ..."[46] وخلاصة كلام الإمام مكي أنّ اللين اللازم قوي إلى درجة أنّ بعضهم لم يفرق بينه وبين المدّ اللازم ولولا الرواية لأخذ بهذا القول الإمام مكي لأنّه أقيس كما قال وقد استدل كبار المحققين والحذاق من القراء على منع القصر في اللين اللازم لورش من طريق الأزرق على خلاف سائر القراء لأنّ ذلك يقتضي أن يفوق اللين الهمزي في نحو شيء اللين اللازم في عسق فيمدّ الضعيف أكثر من القوي وهو ممنوع . قال في النجوم الطوالع : " ...لأنّ القصر ممتنع من طريق الأزرق لمنافاته لأصله لأنه يرى بعد حرف اللين قبل الهمز في نحو سَوْء , شَيْء فهذا أحرى , لأنّ سبب السكون أقوى من سبب الهمز.."[47] وقال في النشر : "قلتُ القصر في عين عن ورش من طريق الأزرق ممّا انفرد به ابن شريح وهو ممّا ينافي أصوله إلاّ عند من لا يرى مدّ حرف اللين قبل الهمز لأنّ سبب السكون أقوى من سبب الهمز والله أعلم "[48] والمقصود بالقصر في باب العين من فاتحتي مريم والشورى الحبس وترك المدّ بلا خلاف بين القراء يقول العلامة السمنودي في بهجة اللحاظ : "وعنه سقوط المدّ في عين واردٌ " قال في الشرح : "أي : ويتعين على القارئ عن حفص من طريق ابن المعدِّل وجوب قصر الـ "عين" في موضعيها ...[ثم قال] فتنطق العين في كلّ منهما مثل النطق بالعين في قوله تعالى :"قرّت عينٍ لي ولك" [القصص 9] ونظائرها ........."[49]
قال د /حميتو وهو يتحدث عن اللين في "عين " مريم والشوري قال الخراز وتبعه ابن المجراد: "المراد بالقصر هنا ترك المد رأسا، وليس هو مثل القصر في حروف المد قال:
"والمختار من هذه الأوجه التوسط، وهو الذي أخذ به الحافظ" القصد النافع لأبي عبد الله الخراز لوحة 118. وكذا الإيضاح لابن المجراد لوحة 57 واللفظ له.)ا.هـ[50]
· ووجه الدلالة ممّا تقدم أنّه إذا كان المقصود بالقصر في اللين اللازم هو عدم المدّ البتّة كيف يُمَدّ بمقدار حركتين ما هو أضعف منه ودونه في القوة, اللين العارض
4. لا خلاف بين القراء أنّ المقصود بالقصر في الأحرف المستثنات هوالحبس: المقصود بالمستثنيات ما استثناه ورش من أصله وهي ثلاث كلمات موئلا موءودة مطلقا وسوءات في بعض أحوالها وأصل مطرد هو ما جاء منفصلا نحو خلوا إلى , ابنيْ ءادم .6 قال ابن الجزري: " واحترز بقوله : بكلمة عمّا إذا كان من كلمتين نحو خلوا إلى وابني ءادم فإنّه لا خلاف في قصره" وقال أيضا : "واستثني له موئلا في الكهف والموءودة بالتكوير فلا خلاف في قصر الواو منهما " [51] وقال في النشر : "وأجمعوا على استثناء كلمتين من ذلك وهما موئلا , الموءودة فلم يزد أحد فيهما تمكينا على ما فيهما من الصيغة"[52] وقال في المهذب : "...سوى كلمتين وهما موئلا بالكهف والموءودة بالتكوير فليس له فيهما سوى القصر كباقي القراء"[53] قال الإمام الشاطبي : وفي سوءات خلاف لورشهم وعن كلّ الموءودة اقصر وموئلا ويقول الإمام النوري : "موئلا لا مدّ فيه لأحد" وقال في سوءات : "ومنهم من قرأ بالقصر كموئلا والموءودة"[54] وقال في النفحات الإلهية : "واعلم بأنّ المراد من قصر الواو في سوءات وواو الموءودة وواو موئلا إذهاب المدّ بالكلية والنطق بواو ساكنة مجردة عن المدّ كالنطق بواو فوقكم ..."[55] ووجه الدلالة ممّا تقدم أن يقال إذا كان المقصود من اصطلاح القصر في اللين ها هنا هو عدم المدّ البتّة فلم الخروج عن هذا الأصل وادّعاء وزعم أن المقصود به في باب خوْفْ وبيْتْ حركتين بلا دليل صريح ونقل صحيح
5. قولهم القصر في اللين في الوصل لا يقصد به المدّ بلا خلاف فلم يغيّر هذا المصطلح في الوقف ويخرج به عن معناه : قال ابن القاصِح في شرحه بعد أن ساق كلاما عن اللين الهمزي ومذهب الأزرق فيه : "ولم يذكر للباقين سوى القصر.."[56] وقال الشيخ محمد سالم محيسن في بيان حكم موئلا والموءودة : "فليس له فيها سوى القصر كباقي القراء " [57] وفي غيث النفع : "شيء قرأ ورش بالمدّ والتوسط والباقون بالقصر "[58] ووجه الاستدلال بهذه النقول والنصوص أنّ اصطلاح القصر في اللين ها هنا يقصد به بلاخلاف الحبس و ترك المدّ أصلا فلم الخروج عن الاصطلاح وتغييره إذا تعلق الأمر باللين العارض
6. الوقف بالروم يكون بالقصر : ولا خلاف أنّ المقصود بالقصر ها هنا الحبس فلم العدول عنه في الإسكان إلى المدّ . قال في سراج القارئ عند تعرضه لأوجه الوقف على شيء وموت "فلورش فيه وجهان الطول والتوسط سواء وقف بالسكون أو بالروم لأنّ مده فيه لأجل الهمز ولغير ورش الأوجه الثلاثة مع السكون والقصر مع الروم وإن كان غير همز نحو الميت والموت فلورش وغيره الأوجه الثلاثة مع السكون والقصر مع الروم" [59] ويقول الشيخ محمد الصادق قمحاوي بعد أن عرّف المدّ العارض للسكون " وهو ما جاء فيه بعد حرف المدّ أو اللين سكون عارض في حالة الوقف فقط" ومثّل له بنحو: العالمين نستعين , بيْتْ , خوْفْ , مئاب ... ثم قال : "إن كان منصوبا ففيه ثلاثة أوجه القصر والتوسط والطول وإن كان مجرورا ... ففيه أربعة أوجه الثلاثة المتقدمة بالسكون المحض والروم على القصر وإن كان مرفوعا ... ففيه سبعة أوجه الثلاثة المتقدمة بالسكون المحض والإشمام مع الثلاثة والروم مع القصر ..."[60] ويقول الشيخ الحصري عليه رحمة الله ( ص: 208 ) ما نصه : ... كما ينبغي أن تعلم أن حرف اللين عند الوقف بالروم لا يمد مطلقا لأن الروم كالوصل كما تقدم وهو لا يمد مطلقا حال الوصل فكذلك لا يمد حال الروم بخلاف حرف المد عند الوقف بالروم فإنه يمد بمقدار حركتين لأنه عند الوصل يمد هذا المقدار فكذلك عند الروم .... اهـ 3 وقول الشيخ محمد سالم محيسن في كتابه الرائد في التجويد (ص34) ما نصه : "واعلم أن المد العارض للسكون إذا كان حرف لين مثل "بيت وخوف" فإن الروم يكون على عدم المد مطلقاً لأن الروم مثل حالة الوصل وقد علمت أنه في حالة الوصل لا يمد أصلاً"[61] والوقف بالروم له حكم الوصل يقول ابن بري في منظومته : والوقف بالروم كمثل الوصل فرد ودع ما لم يرد للأصل ولا خلاف بين القراء ـ وقد تقدمت بعض نصوصهم ـ أنّ المقصود به هو الحبس وانظر كيف لم يفرقوا بين قصر الروم وقصر الإسكان ... فلمَ نفرق نحن ونزيد في مدّه ومطّه ؟ ؟ . . .
7. قول بعضهم إذا سقط في الوصل فسقوطه في الوقف أولى :
وقد تقدم كلام محمد عبد الدايم خميس : "....فلسقوطه وحذفه في الوصل وهو الأصل , فالأولى سقوطه وحذفه في الفرع وهو الوقف..."[62]
بقي أن نشير في ختام هذه الخلاصة إلى مذهب ثالث في المسألة وهو مذهب القائلين أنّ المقصود بالقصر في اللين ليس الحبس وترك أصل المدّ ولا حركتين كحركتي حروف المدّ واللين بل هو " مدّا ما " بمعنى أنّه مدّ بقدرٍ أكبر من حركة الحروف الصحيحة وأقلّ من حركتي المدّ الطبيعي
ولعل أكبر المنتصرين لهذا المذهب هو الأستاذ أو عمر عبد الحكيم عبد الرزاق في بحثه " القيّم القول المتين في تجويد قصر اللين " تجده على الشبكة في موقع مزامير داوود وموقع قراء المغرب وغيرها من المواقع المتخصصة وليعلم القارئ أنّني أخرتُ الحديث عن هذا الرأي لأنّ نصوص أهل العلم التي نقلها الكاتب ليست بذلك البيان والوضوح الذي يسمح بإصدار مثل هذا الحكم والتقعيد لهذا المذهب والذبّ عنه خاصة وأنّ طريقتي ومنهجي في البحث في أيّ علم من العلوم وفي أيّ صنف من الفنون أن أنطلق من نصوص وأقوال وأراء صريحة صحيحة لأهل العلم والاختصاص من المجتهدين الأكفاء القادرين والقابلين لإصدار مثل هذه الفتاوى والاجتهادات والأحكام , لا يهمّ إن كانوا قلّة أو كثرة لا يهمّ إن كانت مذاهبهم متداولة معروفة مشتهرة أو كانت مجهولة مغمورة مندثرة ما دامت صادرة عمّن يحلّ له في شرعنا الحنيف أن يجتهد , ويكون لاجتهاده عند أهل العلم وزنه المرموق وقدره المحفوظ ...ثم بعد ذلك لطالب العلم الحقّ في تحرير المسألة والتوسع فيها ببسط أدلة بعض المجتهدين وتوطيدها ودعمها بما يمكنه من حجج وأدلة من المنقول والمعقول كما له أن يفعل عكس ذلك مع أدلة المخالفين فيجتهد في بيان بطلانها وضحدها ويسترسل في مناقشتها والرد عليها ما شاء ... لكن كلّ ذلك ينبغي أن يتقيد بعدم الخروج عن مذهب المجتهدين إلى مذهب ورأي محدث جديد هو وليد فكره القاصر واجتهاده الباطل وإن أصاب ...
والذي يبدو لي والله أعلم أن هذا القول الثالث مبني على نصوص محتملة فيها كثير من الغموض لا ترتقي إلى نصوص القائلين بالمذهبين المتقدمين[63] من حيث بيانها ووضوحها
وللحديث عن هذا الرأي الثالث نبدأ بأقوال صاحب الرسالة المذكورة وهي صريحة واضحة ولنحاول بعد ذلك مقارنتها بما ساقه من نصوص وأدلة لنقف والله أعلم على البون والفرق بين الأمرين فممّا ذكره في الخاتمة
"... ويترجح من ذلك كله أن الوقف بشئ من المد في اللين الراجح في الأمر وإلا يصل المد إلي مقدار المد الطبيعي . والله أعلم"
هذا هو استنتاجه أما الأدلة والنصوص فنورد أهمها وجلّها إن لم أقل كلّها
· الأقوال والنصوص التي ساقها :
1. وقال الشيخ عطية قابل نصر ـ رحمه الله ـ في كتابه غاية المريد (وإن كان السكون العارض قبله حرف لِين مثل: {خَوْفٍ} ، {بيْت} ، {شَيء} ، {سُوْء}، فإنه يأخذ الأوجه السابقة حيثما أتى إلا أنهم اختلفوا في وجه القَصْرِ فبعض العلماء يقول : بأن المراد بالقصر المد حركتين إجراء له مجرى المد العارض للسكون واعتبار حرف اللِّين كحرف المد عند الوقف على ما بعده تسهيلا للنطق، وهكذا قال صاحب العميد.
وأكثر شرَّاح الشاطبية يقولون في معنى قول الإمام الشاطبي "وعنهم سقوط المد فيه" : أن المراد به القصر حركتين كالمد العارض للسكون.
والبعض الآخر من العلماء يقول : بأن المراد بالقصر حذف المد مطلقًا بحيث يكون النطق بحرفي اللِّين عند الوقف كالنطق بهما حالة الوصل إجراء لهما مجرى الحروف الصحيحة.
كما اختلفوا في وجه الرَّوم فأكثرهم يقول: بأن الروم يأتي مع القَصْر الذي هو عدم المد أصالة لأن حرف اللِّين في حالة الوصل لم يكن فيه مدٌّ مطلقًا عكس المد العارض للسكون الذي يكون في الوصل مدًّا طبيعيًّا كما سبق بيانه.
وبعضهم يقول: بأن الروم يأتي مع القصر الذي هو بمعنى "مدٍّ ما" وقدَّروه بأنه دون المد الطبيعي وقد أورد ذلك العلامة الضبَّاع في كتابه "الإضاءة في أصول القراءة"، وذكر بأن ممن قال بهذا الرأي الدَّاني ومكي إذ قالا: "في حرفي اللين من المد بعض ما في حروف المد"، وكذلك الجعبري قال: "واللِّين لا يخلو من أيسر مد فيمد بقدر الطبع" وعلى هذا فالرَّوم فيه يكون على مثل ذلك ولا يضبط هذا إلا بالمشافهة.))ا.هـ الصفحة 05 من البحث
2. ويقول أيضا في الصفحة 06 , 07 " وقد ناقش فضيلة الشيخ عبد الفتاح المرصفي ـ رحمه الله ـ المسألة بأوضح من ذلك في كتابه "هداية القاري" فقال المرصفي ـ رحمه الله ـ : ..... وقد تكلم في هذه المسألة غير واحد من علمائنا ونورد هنا ما قاله العلامة الضباع في كتاب الإضاءة قال : "إن في حروف المد واللين مدًّا أصليًّا وفي حروف اللين فقط مدًّا ما يضبط كل منهما المشافهة والإخلال بشيء منهما لحن وهذا معنى قول مكي: "في حروف اللين من المد بعض ما في حروف المد" وقد نص عليه سيبويه... إلى أن قال: والدليل على أن في حرفي اللين مدًّا ما من العقل والنقل - .
أما العقل : فإن علة المد موجودة فيهما والإجماع على دوران المعلول من علته. وأيضاً فقد قوي شبههما بحروف المد لأن فيهما شيئاً من الخفاء ويجوز إدغام الحرف بعدهما بإجماع في نحو :{كَيْفَ فَعَلَ} {قَوْمِ مُوسَى} بلا عسر" ويجوز مع إدغامهما الثلاثة الجائزة في حروف المد بلا خلاف وأيضاً جوز أكثر القراء التوسط والطول فيهما وقفاً. وجوز ورش مدهما مع السبب.
وأما النقل : فنص سيبويه وناهيك به على ذلك وكذلك الداني ومكي إذ قالا: في حرفي اللين من المد بعض ما في حروف المد. وكذلك الجعبري قال: واللين لا يخلو من أيسر مد فيمد بقدر الطبع.
فإن قلت: أجمع القائلون به على أنه دون ألف. والمد لا يكون دون ألف.
(قلت): الألف إنما هي نهاية الطبيعي وهذا لا ينافي أن ما دونها يسمى مدًّا لا سيما وقد تضافرت النصوص الدالة على ثبوت مدهما.
فإن (قلت) : قال أبو شامة : فمن مد {عَلَيْهِم} و{إِلَيْهِمْ} و{لَدَيْهِمْ} ونحو ذلك وفقاً أو وصلاً أو مد نحو {وَالصَّيْفِ} و{البَيْتِ} و{الْخَوْفُ} و{الْمَوْتِ} في الوصل فهو مخطىء ، وهذا صريح في أن اللين لا مد فيه (قلتُ): ما أعظمه مساعداً لو كان في محل النزاع. لأن النزاع في الطبيعي وكلامه هنا في الفرعي بدليل قوله قبل: فقد بان لك أن حرف اللين لا مد فيه إلا إذا كان بعده همزة أو ساكن عند من رأى ذلك. وأيضاً فهو يتكلم على قول الشاطبي "وإن تسكن اليا بين فتح وهمزة" وليس كلام الشاطبي إلا في الفرعي بل أقول في كلام أبي شامة تصريح بأن اللين ممدود وأن مده قدر حرف المد وذلك أنه قال في الانتصار لمذهب الجماعة على ورش في قصر اللين : وهنا لما لم يكن فيهما مد كان القصر عبارة عن مد يسير يصيران به على لفظهما إذا كانت حركة ما قبلهما من جنسهما .
فقوله "على لفظهما" دليل المساواة. وعلى هذا فهو برىء مما فهم السائل من كلامه وهذا مما لا ينكره عاقل والله أعلم أهـ بحروفه.
هذا: وما ذكرناه من كلام العلامة الضباع هنا قد نص عليه الإمام النويري في شرحه على الطيبة بكلام أوسع مما هنا كما نص عليه شيخه الحافظ ابن الجزري في النشر.
وبعد: فقد ظهر لك مما قدمنا من نصوص أئمتنا :أن الوقف بالروم على المد العارض للسكون الذي سكونه العارض بعد حرفي اللين لا يكون على القصر الذي هو حركتان كما قد يتبادر ، بل على القصر الذي هو بمعنى مدٍّ ما لأنه في حالة الوصل يكون كذلك كما قدمنا.
ومن ثم تعلم أن ما قاله الدكتور محمد سالم محيسن في كتابه الرائد في تجويد القرآن ص (34) "واعلم أن المد العارض للسكون إذا كان حرف لين مثل "بيت وخوف" فإن الروم يكون على عدم المد مطلقاً لأن الروم مثل حالة الوصل وقد علمت أنه في حالة الوصل لا يمد أصلاً" أهـ. هو كلام لا يلتفت إليه ولا يعول عليه وكاتبه يعوزه الإطلاع وصحة الفهم وضبط المسائل العلمية.))ا.هـ 1/194
وقال فضيلته في موضع آخر : ((أما إذا سكنت الواو الأولى وانفتح ما قبلها وجب إدغامها في المتحركة بعدها نحو قوله تعالى: {ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ} {آوَواْ وَّنَصَرُواْ} وذلك لأن حرف اللين بمنزلة الصحيح.)1/145
3. نقل كلام لصاحب فريدة الدهر نصه: "القصر في عين معناه عدم المد مطلقا وليس المراد حركتين كما في (قال ، يقول ، قيل ) لأن ذات حرف المد غير اللين لا تقوم إلا بالحركتين ، وليس اللين كذلك ، فذات اللين قائمة بدون مد ، وإن ذكر بعضهم : أنه أيسر مد فانتبه لهذا الحكم وحققته مع المقرئ ـ الشيخ الزيات ـ ...)"3/1169 الصفحة 09
· فهذه النصوص ليست ظاهرة كلّ الظهور في الدلالة على ما أراده صاحب البحث ولكننا سنحاول التسليم بها جدلا ونبحث في أوجه دلالتها مركزين على بيان ولوج الاحتمال إليها
· فهو يستدل بهذه النصوص على أنّ في حروف اللين مدّا وإن كان أقل من مدّ حروف المدّ الأصلية ,والجواب والردّ على هذه الشبهة أن يقال لا يسمى المدّ مدّا إلاّ إذا كان حركتين فما فوق أما مادون ذلك فبيس بمدّ . يقول الإمام المرعشي في جهد المقل الصفحة 101 : " المدّ في عرفهم لا يطلق علي ما دون مقدار ألف وامتداد أصوات حروف الرخو ما عدا المد لا يبلغ قدر ألف .فاعرف"
· كلّ ما في هذه النصوص أنّ في حروف اللين مدّا أقلّ من حروف المدّ , فهل هذا التفاوت في المدّ بين حروف اللين وحروف المدّ في قوته ؟ فنقول حينها نعم في حروف اللين مدّا هو أقلّ من حروف المدّ قوة وتمكينا ولذا قال العلماء لا ينبغي أن يمد نحو رَيْب بأكثر ممّا يمد نحو العالمِين . أم هو من حيث القابلية للمد ؟ فنقول نعم هو كذلك, فحروف المدّ أكثر قابلية للمدّ من حروف اللين ألا ترى أنها تمدّ لأدنى سبب بخلاف حروف اللين . أم أنّ المقصود شيء آخر غير الذي ذكرنا؟ قد يزعم أنّ المقصود أنّ المدّ موجود في أصل حروف اللين كما أنه موجود في أصل حروف المدّ فهو في القسمين من قبيل حقوق الحرف اللازمة لا مستحقاته العارضة. والجواب أنّ الموجود في أصل حروف اللين مطّا لا مدّا زائدا وهذا هو الذي عناه العلماء في هذه الأقوال , وقد أطلقوا عليه تسمية المدّ من باب الاشتراك اللغوي لا غير أما في الاصطلاح ففرق شاسع وبون واسع بين الأمرين , ولتتضح هذه المسألة جليا نقول أن جميع حروف الرخاوة فيها شيء من المطّ كما ذكر الإمام المرعشي في النص المتقدم وهو دون حروف المدّ أي دون ألف . فلا ينبغي أن نخلط بينه وبين المدّ . بل في الغنّة مطّة بمقدار حركتين فهي أكبر من مطّ حروف اللين ولم نسمع عن أحد من أهل العلم أنّه سماها مدّا أو أنه ألحقها بحروف المدّ وقاسها عليها . وفي الاستطالة من المطّ ما يقارب حروف اللين أو يزيد عليها ولم يقل أحد بأنّها مدّ ...
· ثم إنّ هذه النصوص تعارضها نصوص أخرى أوضح دلالة وبيانا في تمايز حروف المدّ واللين في كونهما يجتمعان في صفة اللين فكلّ ألف أو واو أو ياء ساكنة لا بدّ وأن تتصف باللين ويفترقان في المدّ فلا تتصف به هذه الحروف إلاّ بشرطين اثنين سكونها وأن تسبق بحركات من جنسها وعلى ذلك فليس في الواو والياء الساكنتين المسبوقتين بفتح مدّا بل كلّ ما فيهما هو اللين يقول العلامة أحمد البنا في الإتحاف : "وأما حرفا اللين فهما الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما ويصدق اللين على حرف المد فيقال حرف مد ولين بخلاف العكس فلا يوصف اللين بالمد على ما اصطلحوا عليه فبينهما مباينة حينئذ وإن تساويا من حيث قبول حرف اللين للمد" والنصوص في هذا الباب كثيرة لا يخلو منها كتاب في التجويد في باب صفات الحروف أو في مقدمات باب المدّ ....
· فإن كان ولا بدّ من الأخذ بهذا القول الأخير فلا ينبغي أن نسمي ما في حروف اللين حالة القصر (مدّ ما ) كما سماه صاحب البحث بل هو مطّ تسببت فيه صفتي اللين والرخاوة والله أعلم بالحق والصواب
[1] محمود خليل الحصري , أحكام التلاوة ص 226
[2] جهد المقل ص 99 نقلا عن القول المتين في تجويد قصر اللين ص 9 نسخة خاصة منزلة من الشبكة
[3] [3] محمود محمد عبد المنعم محمد , الروضة الندية شرح متن الجزرية , المكتبة الأزهرية للتراث الطبعة الأولى 1422 هـ 2001ش ص87
[6] الإمام علم الدين أبو الحسن علي بن محمد السخاوي , فتح الوصيد في شرح القصيد , تحقيق جمال الدين محمد شرف خرّج أحاديثه مجدي فتحي السيد , دار الصحابة للتراث بطنطا 1425هـ 2004ش الجزء الأول صفحة 185
[7] غيث النفع في القراءات السبع لعلي النوري السفاقسي , دار الكتب العلمية بيروت 1425 هـ 2001 ش
[8] محمد عبد الدايم خميس . النفحات الإلهية في شرح متن الشاطبية , دار المنار مصر 1416 هـ 1996 ش الصفحة 115- 116
[9] الروضة الندية ص 78
[10] محمد بن علي بن يالوشة , الفوائد المفهمة في شرح الجزرية المقدمة , دار الفرقان , الدار البيضاء المغرب 1998 ش ص:46
[11] فتح الوصيد 1/185
[12] غيث النفع ص 73
[13] ولا يقال أنّ معنى هذا جواز القصر لورش كذلك لأنه سبق وأن أخرج ورش بذكر أحكام الوصل وما اختصّ به دونهم
[14] أبو القاسم علي بن عثمان المعروف بابن القاصح (801 هـ) , سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي (شرح للشاطبية) , دار الكتب العلمية بيروت 1425 هـ 2004 ش , ص 87-88
[15] الفهيه هو الجاهل العييّ
[16] شرح المقدمة الجزرية لعصام الدين أحمد بن مصطفى بن خليل المعروف بطاش كبرى زادة (968 هـ) بتحقيق الأستاذ فرغلي سيد عرباوي ص16 من مقدمة المحقق
[17] باحث في علم الصوتيات التجويد والقراءات والمدرس سابقا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية له عدة بحوث في غاية الأهمية وتحقيقات تراثية في غاية الصحة والتدقيق
[18] كلام الأستاذ غانم قدوري الحمد في "الدراسات الصوتية" ص11 بتصرف من الناقل
[19] الحواشي المفهمة لابن الناظم , من مقدمة الدراسة , الصفحة : 11-12-13
[20] الصفحة 46 من شرحه
[21] الجزء 2 الصفحة 140
[22] شرحه على الجزرية ص 111 ونفس الكلام قاله ابن الناظم انظر الصفحة 256 من شرحه
[23] النجوم الطوالع للأستاذ إبراهيم المارغني , مركز التراث الثقافي المغربي الدار البيضاء بالاشتراك مع دار الحديث بالقاهرة , تحقيق عبد السلام البكاري 1429 هـ 2008 ش , الصفحة 91
[24] أي إذا كان السبب (الهمز والسكون) قويا ويكون كذلك إذا كان متصلا في الهمز أصليا في السكون ….. وهذا وصف لم يشترطه أحد في السبب إذا كان مع حروف المدّ واللين
[25] النشر في القراءات العشر , دار الفكر 1/346
[26] المرجع السابق 1/350
[27] المرجع نفسه 1/351
[28] مدرس بقسم القراءات بكلية اللغة العربية بمصر
[29] العميد في علم التجويد , دار العقيدة مصر 1425 هـ 2004 ش الصفحة 103
[30] الحواشي المفهمة لابن الناظم , من مقدمة المحقق فرغلي ص: 13
[31] البيتين : 192-193
[32] المارغني في النجوم الطوالع ص: 67
[33] معجم مصطلحات علم القراءات ص: 276 مصطلح رقم: 563
[34] النفحات 118
[35] النجوم الطوالع 86
[36] فتح الوصيد 1\185
[37] المهذب 1\38
[38] شرح الطيبة 2\138
[39] النشر 1\348
[40] المرجع نفسه 1\ 349 ـ 350
[41] شرح الطيبة 2/140
[42] النجوم الطوالع 91
[43] فتح الوصيد 1/185
[44] محمد عبد الدايم خميس 118
[45] النشر 1/350 إلى 362
[46] التبصرة 75
[47] النجوم الطوالع 90
[48] النشر 1/349
[49] سعيد يوسف السمنودي , الإيقاظ شرح بهجة اللحاظ بما لحفص من روضة الحفاظ , ص50
[50] نقلا من القول المتين في تجويد قصر اللين للأستاذ أبو عمر عبد الحكيم عبد الرزاق نسخة خاصة منزلة من الشبكة ص 08 ونص الدكتور حميتو تجده في العدد 28 الصفحة 114
[51] شرح الطيبة للناظم 75
[52] النشر 1/347
[53] المهذب 1/38
[54] غيث النفع 373
[55] محمد عبد الدايم خميس 117
[56] سراج القارئ المبتدي , ص 68 . وله كلام نفيس في تشبيه من مدّ صيْفْ كم مدّ عليْهم وإليْهم
[57] المهذب 1/38
[58] غيث النفع 59
[59] نفس الصفحة المتقدمة
[60] البرهان في تجويد القرآن ص 53
[61] نقلا من القول المتين في تجويد قصر اللين نسخة خاصة منزلة من الشبكة الصفحة 4 ثم الصفحة 7 من تأليف الأستاذ أبو عمر عبد الحكيم عبد الرزاق
[62] النفحات الإلهية 115 ...
[63] مذهب القالين بأنّ المقصود بالقصر في اللين هو الحبس وترك المدّ ومذهب القائلين بأنّ المقصود به حركتين
ü تجويد القرآن دون غيره من الكلام العربي الفصيح يجوز مصاحبته بالتغني
فلعل هذا القدر من البسط كاف للتفريق بين تجويد عموم كلام العرب وبين تجويد القرآن الكريم المقصود بهذا العلم بالدراسة والبحث ...
15) حلية التلاوة وزينة القراءة : ذكره الهذلي في تعريفه وابن الجزري في المقدمة والتمهيد ثمّ تابعهم النّاس على ذلك , وهو أقرب إلى بيان فضل التجويد وميزته منه إلى تعريفه , والقصد أنّ التجويد تحسينٌ وتزيّينٌ للقراءة تماما كما هو الحليّ بالنسبة للنساء...
16) التغني وتحسين الصوت : ليس التغني من التجويد بل هو وصف زائد وبعضهم يعتبره فنّاً وعلماً آخر منفصل ومستقل عن باقي العلوم هو فنّ المقامات أو فنّ الطبوع له أحكامه وضوابطه التي تخصّه وتميّزه ... وهو يختلف عن التجويد من وجوه شتّى ومناحي عدّة تقدم بحثها وبيانها فلا داعي للإعادة والتكرار...
17) التمثيل بأحكامه وجزئياته : التمثيل أسلوب علمي وعملي في تعريف الأشياء وتمييزها وبيان كنهها وحقيقتها , لكن بشروط أهمّها :
ü أن لا يلجأ إليه إذا وُجِد غيره من العبارات الموجزة الجامعة المانعة ..
ü أن لا يوقعنا في الدور بحيث يتوقف معرفة المعرَّف على معرفة هذه الأمثلة والتي بدورها يتوقف معرفتها على معرفة المعرَّف ... (وقد تقدم بحث هذه المسألة)
ü أن لا تكون الأمثلة المذكورة أكثر تعقيدا وإبهاما من المعرَّفِ نفسه ...
وهذا كلّه في حقّ من له دراية ولو بسيطة بعلم التجويد ـ والله أعلم ـ أمّا من لا دراية ولا صلة له بعلم التجويد أصلاً لا من قريب ولا من بعيد فيستحيل التعريف في حقّه بمجر الأمثلة لأنّ جهله للكلّ يقتضي بالضرورة جهله بالبعض والجزء ...
18) بريء من الرداءة : وهو وصف سلبي تغني عنه الأوصاف الإيجابية
19) كمال هيئته : نعم هذا هو المطلوب تحصيله ... فلا يسمى التجويد تجويدا إلاّ إذا بلغ في إتقانه الغاية وفي تحسينه النهاية وسبيل ذلك هو تصحيح التلفظ بالحروف وفقط من حيث تحقيق مخارجها ومراعاة صفاتها ... فإن زيد على ذلك فهو لحن بسبب الإفراط فيه وإن انقص منه فهو لحن كذلك بسبب التفريط فيه .
والقصد أن تصحيح التلفظ بالحروف بإقامة حقّها ومستحقّها هو كمال هيئته وهو الإتقان والإحسان وهو التجويد من غير زيادة ولا نقصان ...فذكر مثل هذه الأوصاف في التعريف فيه كثير من الإعادة والتكرار وشيء من التطويل والاسترسال ...
20) الغاية في الإتقان والإحسان : ينطبق على هذا الوصف والذي بعده نفس الكلام المذكور في العنصر المتقدم
21) من غير زيادة ولا نقصان : تقدّم ......
22) ترتيب الحروف في مراتبها : المقصود بالمراتب ها هنا مخارج الحروف فقد رتّب أهل الاختصاص الحروف العربية باعتبار مخارجها ترتيبا معلوما معروفا لا يكادون يختلفون فيه إلاّ الشيء اليسير... وقد يقصد بها مراتبها باعتبار ما تعتريها من الصفات اللازمة والعارضة فالحروف باعتبار الاستعلاء مثلاً ليست على مستوىً واحدٍ بل هي مراتب عدّة وكذلك القلقلة والغنّة وهكذا ...وفي تحقيق حقّ الحرف ومستحقّه ترتيب له بالضرورة في مرتبته التي تليق به فلا موجب لذكر مثل هذه الأوصاف...
23) حدود اللفظ العربي : نعم لأنّ الحروف المقصودة بالتجويد عربية ويجزئ عن هذا الوصف الإشارة في التعريف لمادة علم التجويد وموضوعه وهو الألفاظ القرآنية , وهي أخصّ من الألفاظ العربية وأدقّ في التعريف لأنّ حدود تجويد اللفظ العربي أوسع من حدود تجويد اللفظ القرآني فليس كلّ ما صح من مباحث التجويد عند العرب يصحّ في القرآن كذلك , بل يقتصر في تجويد القرآن الكريم على ما نزل به دون سواه...
24) المحفوظ من طريق الأئمة القراء : أمّا من الجهة النظرية التقعيدية فهو محفوظ في كتب النحو والقراءة والتجويد وأما من الجهة العملية فهو محفوظ عند علماء القراءة دون سواهم ...ولا أعتقد والله أعلم أنّ مسألة حفظ العلم والحديث عن مصادره ومظانّه ممّا يذكر في التعريف...
25) يصير ذلك سجية وملكة : التجويد بخلاف كثير من العلوم لا يقتصر فيه على الجانب النظري بل يتعداه للتطبيق فلا يسمى الرجل مجوّداً إذا أحاط بقواعد هذا العلم دون أن يتمكن من تصحيح حروف القرآن الكريم وقراءته قراءة مجوّدة بريئة من اللحن خالية من الخطأ ... ولكي يندرج هذا الوصف المهمّ في التعريف ينبغي ذكر كلمات ومصطلحات متعلقة بالجانب العملي مثل (قراءة الحروف) (إعطاء الحروف) (تحقيق الحروف) بدل الكلمات التي لا تفيد إلاّ العلم النظري كقولنا (معرفة) ...
26) يؤخذ من مشايخ الصناعة والفنّ : هذا الوصف له متعلق بالذي قبله أي بالجانب العملي في فنّ التجويد ولكنه يتناول طريقة تلقيه وأسلوب أخذه وتعلمه ولا أحسب والله أعلم أنّ هذا الوصف ممّا ينبغي ذكره في التعريفات بل إنّ له بابه الخاص به ...
27) تحسين الألفاظ وتجويدها : في تجويد الحروف وتحسينها بتحقيق مخارجها ومراعاة صفاتها تجويد للألفاظ وتحسين لها ...
28) قواعد عامة مطردة : ليس التجويد بالضرورة قواعد عامة بل إنّ بعضها مفردة متعلقة بكلمة دون غيرها ﴿ تامنـا﴾ بسورة يوسف على سبيل المثال , وليس التجويد بالضرورة قواعد مطردة بل أكثرها لها مستثنيات وأحرف خرجت عن الأصل... هذا من جهة ومن جهة أخرى هذا وصف عام لا يتعلق بذات التجويد لا يتعلق بأركانه التي لا يتصور إلاّ بها والمفروض الاقتصار في التعريف على الأوصاف المتعلقة بذات التجويد ولو رُحْنا نتتبع جميع أوصاف العلوم لنضعها في التعريفات لما أمكننا ذلك لأنّ أوصاف الشيء مهما كان لا يمكن الإحاطة بها
29) كيفية النطق بالكلمات : ينبغي الإشارة في التعريف إلى أنّ التجويد يتعلق بنطق الكلمات القرآنية لا تفسيرها أو رسمها أو غيرها من العلوم المتعلقة بنفس المادة , ولعل في ذكر الحرف من جهة وذكر مناط النطق والتلفظ به وهو المخرج والصفة أو الحقّ والمستحقّ ما يشير إلى هذه الحيثية والله أعلم ...
30) التواتر : التجويد ورد إلينا بالتواتر لأنّ صفة وكيفية التلفظ بالكلمات القرآنية نقلت إلينا مع ذوات هذه الكلمات وهي متواترة يقول الأستاذ فرغلي سيد عرباوي : "إنّ التجويد إنّما هو وصف للقراءة النبوية التي ورد ضبطها وحفظها من طريق أئمة القراءة كنافع وعاصم والكسائي وغيرهم , وهؤلاء الكرام قد نقلوا حروف القرآن وكيفية نطق هذه الحروف أي: التجويد , وهما أمران متلازمان لا يمكن أن ينفكّ أحدهما عن الآخر , فمن قَبِلَ عنهم نقلُ الحروف لزمه أن يقبل عنهم نقل الأداء أي التجويد."[101]
31) معرفة الوقوف : هو أحد أهمّ مباحث التجويد وبخاصة الوقف الصناعي المتعلق بكيفية الوقف على أواخر الكلم (الروم , الإشمام , السكون , الإبدال , الحذف , الإلحاق ...) وحتّى الوقف العام المتعلق بمواضعه فإنّ له علاقة وطيدة بالتجويد لأنّه يؤثّر في كيفية التلفظ بالحروف فهي تتغيّر غالبا إن لم نقل دائما بين الوصل والوقف والابتداء , وقد سُئل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه عن الترتيل فقال :"هو معرفة الوقوف وتجويد الحروف" لهذا السبب اعتنى به علماء التجويد عناية كبيرة ودرج كثير منهم على ذكره في تعريفهم له ... لكن إذا أمعنا النظر في حقيقة الوقف بالنسبة لتجويد الحروف وتصحيح التلفظ بها إنّما هو أحد العوارض الكثيرة التي تعرض للحرف فتغيّر من ذاته (هاء التأنيث , التنوين , الهمز , هاء السكت ...) ومن شكله (الإسكان , الروم , الإشمام ...) ومن صفاته (القلقلة , الإدغام ,المدّ ...) فهو يخرجه من دائرة حقّه إلى دائرة مستحقّه وبمراعاة مستحقات الحروف يراعى الوقف وأحكامه لأنّه مندرج فيه ولا داعي لتخصيصه بالذكر في التعريف وإن كان لا بدّ من أن يخصّص له بابا كبيرا ًمنفصلاً يبحث فيه مسائله وأحكامه[102]
32) ذكر أقسامه : المقصود ها هنا قسمي التجويد العلمي المتعلق بالجانب النظري والعملي المتعلق بالجانب التطبيقي ؛ فإنّ بعضهم ذكر القسمين في التعريف وكثير منهم عرّف كلّ قسم على حدة والمفروض اجتناب ذكر أقسام التجويد في التعريف لأمور عدّة أهمّها ما يلي :
ü هي قسمة وإن كانت وجيهة في أوّل الأمر لما كان لا يزال اللسان العربي مستقيم الطبع أو قريبا من ذلك لا يحتاج إلى كثيرِ دراسة ورياضة وعناية ليصل إلى تجويد الحروف وتصحيحها , أمّا اليوم وقد غلب على كلامنا لسان الأعاجم وامتزجت العربية الأصيلة برطانة اللهجات الدارجة فإنّه يصعب ويشقّ إن لم أقل يستحيل على الواحد منّا أن يتمكن من القراءة المجوّدة الصحيحة دون الوقوف على الجانب النظري من التجويد ودراسته وبحثه وفهمه واستيعابه ...
ü ذكر أقسام أيّ علم في التعريف مخالف لمناهج البحث وعرف أهل العلم فلقد درجوا على ذكرها في باب خاص بها مغاير لباب ومبحث التعريف
ü ثمّ إنّه ما من علم إلاّ وله جانب علمي وآخر عملي , لأنّ أصل العلم إنّما يقصد به العمل فالتفسير له قواعده وأحكامه والمقصود منه الفهم والتدبّر والفقه كذلك يقصد به العمل بأحكامه والأصول التمكن من الاستنباط ونحو ذلك ...فهل ذكروا هذه التفصيلات والتقسيمات في تعريفاتهم ...بل وهل اشترطوا العمل من أجل العلم هل اشترطوا لمن يريد أن يتعلم أحكام الحجّ أن يحجّ ولمن يتعلم أحكام الاستنباط أن يستنبط أبدا لم يشترط ذلك أحد بل الشرط كلّ الشرط أن لا يحجّ إلاّ من فقه الحجّ ولا يستنبط إلاّ من فقه الاستنباط ولا يجوّد إلاّ من فقه التجويد فأين الفرق بين علم التجويد وغيره من العلوم ـ من هذه الحيثية ـ حتى نشترط فيه ما لم نشترطه في غيره
ü وكلّ هذا لا يمنع من الإشارة في التعريف لقسمي التجويد دون التصريح بهما كاستعمال اصطلاح (علم) للإشارة للجانب النظري و اصطلاحات مثل (إعطاء) (قراءة) (تحقيق) ونحوها ممّا فيه إشارة للجانب العملي
33) ذكر مراتبه : المقصود بمراتبه التّمهل والتؤدة فيه وتسمى بالتحقيق والإسراع يسمى بالحدر والتوسّط هو التدوير , وهي مباحث لا ينبغي ذكرها في التعريف لأمرين اثنين هما :
ü الأول : إنّ للمراتب كما للأقسام والأحكام أبوابها الخاصة بها ولو تتبعنا جميع مباحث العلم وذكرناه في التعريف لصار تعريف العلم هو العلم نفسه وهذا أمر بعيد , غريب ومستهجن ...
ü الثاني : إنّ جميع هذه المراتب على اختلافها لا بدّ أن يشملها التجويد ولا بدّ أن تتّصف به فسواء قرأنا بالتحقيق أو بالحدر أو بالتوسّط بينهما لا بدّ أن تكون القراءة صحيحة مجوّدة , فما ينبغي ذكره في التجويد ليس هذه المراتب الثلاث بل شيئا يجمعها ويعمها كالقراءة ونحوها ...
ثالثا : التعريف المختار
المقصود بالتعريف المختار التعريف الذي جمع فيه صاحبه الأوصاف التي ينبغي ذكرها واجتنب السلبيات وما لا ينبغي ذكره فيه ممّا تقدم تحريره وتحقيقه في المباحث المتقدمة وسنكتفي بذكر التعريف كما جاء بشيء من الشرح والتعليق القليل
عرّفه الشيخ محمود علي بسّة المدرس بقسم القراءات بكلية اللغة العربية [103]في كتابه (العميد في علم التجويد)[104] بقوله : (علم يبحث في الكلمات القرآنية من حيث إعطاء الحروف حقّها ومستحقّها)
تعليقات على التعريف :
أولا :من أهمّ ميزات هذا التعريف أنّه خصّ علم التجويد بالكلمات القرآنية فخرج بذلك التجويد العام المتعلق بالكلام العربي وبخاصة الحديث الذي وقع الخلاف فيه وكذلك الأذان وبعض الأذكار كآمين , فقد زعم بعض أهل العلم تطبيق أحكام التجويد على الآذان والإقامة والتكبير والتلبية فراح يطبق ويُعمِل فيها ما نص عليه علماء تجويد القرآن الكريم دون عموم أحكام تجويد اللغة العربية حيث يقول :"كما ينبغي على المؤذن أن يجوّد الأذان والإقامة فيطبق في تجويد الأذان ما يطبق في تجويد القرآن سواء بسواء ."[105] فوقع في بعض الأخطاء أهمّها :
ü "ينبغي الوقف على كلّ مقاطع الأذان بالسكون"[106] والحق أنّه يجوز الوقف على بعضها بغير السكون كالإشمام لأنّه لا يتعارض والاسترسال في الأذان بخلاف الروم الذي يقتضي الحدر وهو مخالف للسنّة أما في الإقامة وغيرها من الأذكار ففيها الروم والإشمام والإسكان بما تقتضيه قواعد اللغة العربية ...
ü "زيادة المدّ الأصلي عن حركتين في ألف لفظ الجلالة (الله) حين وصلها بما بعدها , كما لو زاده في قوله (الله أكبر) "4 والحقّ أنّ الزيادة ها هنا جائزة لوجود سبب الزيادة وهو سبب معنوي ؛ المبالغة في النداء والإسماع وهو سبب وجيه لا تخلو منه لغة ولا لهجة من اللهجات ومن أنكر المدّ ها هنا إنّما نظر للأسباب اللفظية وهي الهمز والسكون دون المعنوية اعتماداً على عموم أحكام التجويد الخاصة بالقرآن الكريم ...
ü "إدماج الحروف والكلمات بعضها ببعض"[107] ومثّل ببعض اللحون الشائعة ولكنّ هذا العنوان يقتضي منع بعض الظواهر الصوتية الخاصة بالأذان والتكبير والتي فيها شيء من الإدماج والتغيير مثل قراءة (الله وَكْبر) بإبدال همزة (أَكبر) واوا مفتوحة على سبيل المثال فهو صحيح لجوازه في العربية
وبعضهم منع المدّ في آمين مستدلاّ بأحكام تجويد القرآن ووفق رواية معيّنة وهذا خطأ مضاعف خطأ من جهة إلزام الناس برواية قرآنية واحدة دون سواها ومن جهة إلزام الناس بأحكام القرآن في غير القرآن والله اعلم بالحقّ والصواب ...
ثانيا : استعمال لفظة (علم) إشارة إلى قسم التجويد العلمي وفي لفظة (إعطاء) إشارة إلى قسمه العملي
ثالثا : (الحقّ) اصطلاح يشمل كلّ ما يلزم الحرف من مخرج وصفاتٍ فأمّا الصفات فهو أمر متفق عليه وأما إدخال المخرج في مسمى الحقّ فقد قال به ونصّ عليه غير واحد من أهل العلم منهم: صاحب التعريف المختار في شرحه له وكذلك الأستاذ عبد الرزاق موسى صاحب الفوائد التجويدية في شرح المقدمة الجزرية وغيرهما , وهو ظاهر ومتوجه إذا نظرنا إلى تعريفهم للحقّ بأنّه ما يلزم الحرف والمخرج يلزمه فهو لا يبرحه ولا يحيد عنه ...
ثالثا : (المستحقّ) ممّا يشمله ويندرج تحته الوقف لأنّه من العوارض التي تطرأ على تجويد الحروف .
ولأنّ الكمال خاص به سبحانه وتعالى وقد أبى عزّ وجلّ أن يتمَّ كتابا إلاّ كتابه الكريم فلا يبعد أن يحتوي هذا التعريف بدوره على بعض النقائص أو أن نجد ما هو أوجز وأدقّ منه فعلى كلّ واحد منّا أن يمعن النظر فيه وأن يدقّق ويحقّق لعل الله سبحانه وتعالى يرشدنا ويهدينا إلى ما هو أحكم أنفع ... والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل وصلّ اللهمّ على محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم.
[1] مادة هذا العنصر استقيتها من المراجع التالية :
· أ.المصطفى الوظيفي , المناظرة في أصول التشريع (دراسة في تناظر ابن حزم والباجي) 2\156 ـ 157 المكتبة الشاملة
· شرح الشيخ ابن عثيمين على العقيدة السفارينية (الخاتمة) من موقعه الرسمي
· شرح الأسماء والصفات الحلقة العاشرة للشيخ سفر الحوالي من موقعه الرسمي
· أ. زهير بن عمر , مقرر العقيدة للسنة الأولى علوم إسلامية جامعة الجزائر
· أ................, مقرر المنطق للسنة الأولى علوم إسلامية جامعة الجزائر
[2] علماء مناهج البحث , أصول الفقه والمنطق وغيرهم
[3] انظر تعريف الحدّ في (الحدود في أصول الفقه) للقاضي أبي الوليد الباجي [474هـ] دار ابن القيم الرياض ودار ابن عفان القاهرة 1429هـ 2008م الصفحة:33
[4] انظر على سبيل المثال البيت 186 من العقيدة السفارينية بشرح الشيخ ابن عثيمين (من موقعه على الشبكة)
[5] شرح الأسماء والصفات للشيخ سفر الحوالي (من موقعه على الشبكة) وشرح الشيخ العثيمين علة العقيدة السفارينية وانظر الردّ على المنطقيين ونقض المنطق كلاهما لشيخ الإسلام ابن تيمية
[6] سعود بن عبد العزيز الدعجان , منهج الإمام مالك في إثبات العقيدة :دار الآثار القاهرة , مجالس الهدى الجزائر 1427هـ 2006م الصفحة 263
[7] يراجع كتاب (ظاهرة الإرجاء) للشيخ سفر بن عبد الرحمان الحوالي فإنّ فيه تفصيل عجيب ومهمّ لتطور تعريف الإيمان
[8] شرح الشيخ ابن عثيمين المتقدم الذكر
[9] ابن منظور711هـ : لسان العرب ؛ دار صادر بيروت .
الفيروز آبادي 817هـ : القاموس المحيط ؛ مؤسسة الرسالة بيروت 1\350
أبو السعدات , المبارك بن محمد الجزري : النهاية في غريب الأثر المكتبة العلمية بيروت 1399هـ تحقيق : طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي
الزمخشري 538هـ : الفائق ؛ دار المعرفة بيروت تحقيق : علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم 1\350
: أساس البلاغة ؛ دار الفكر بيروت 1427هـ 2006م ص103 ـ 104
زين الدين محمد بن أبي بكر الرازي 666هـ : مختار الصحاح تحقيق: حمزة فتح الله مؤسسة الرسالة 1414هـ 1994م ص116
أحمد بن محمد بن علي الفيومي المقرئ 770هـ : المصباح المنير ؛ مكتبة لبنان بيروت ص44
ابن فارس , أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا 395هـ : المقاييس في اللغة ؛ تحقيق شهاب الدين أبو عمر دار الفكر بيروت ص229
: مجمل اللغة ؛ دار الفكر بيروت 1414هـ 1994م
الراغب الأصفهاني : معجم مفردات القرآن ؛ دار الفكر بيروت تحقيق: يوسف الشيخ محمد البقاعي ص79 ـ 80
المعجم الوسيط : إبراهيم مصطفى , أحمد الزيات , حامد عبد القادر , محمد النجار ؛ مجمع اللغة العربية بالقاهرة دار الدعوة 1\145 باب الجيم مادة (ج ا د)
ابن سيده المرسي 458هـ:المحكم والمحيط الأعظم ؛ تحقيق عبد الحميد هنداوي دار الكتب العلمية بيروت 2000م . 7\530 في مقلوب مادة (ج و د)
[10] ابن جرير الطبري : جامع البيان في تأويل القرآن , تحقيق أحمد محمد شاكر , مؤسسة الرسالة ط1 ـ 1420هـ 2000م 15\334 ـ 337
ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ؛ دار الفكر بيروت 1422هـ 1002م في مجلد واحد ص928 ـ 1600
الراغب الأصفهاني , معجم مفردات القرآن ص79
أبو الحسن علي بن محمد الماوردي 450هـ , النكت والعيون , نسخة إلكترونية منزّلة من موقع التفسير www.altafsir.com
العزّ بن عبد السلام سلطان العلماء 660هـ , تفسير ابن عبد السلام , نسخة إلكترونية منزّلة من موقع التفسير www.altafsir.com
أبو حيّان الأندلسي 745هـ , البحر المحيط , نسخة إلكترونية منزّلة من موقع التفسير www.altafsir.com
محمد بن علي الشوكاني 1250هـ , فتح القدير الجامع بين فنيّ الرواية والدراية من علم التفسير , نسخة إلكترونية منزّلة من موقع التفسير www.altafsir.com
إبراهيم بن عمر البقاعي 885هـ , نظم الدرر في تناسب الآيات والسور , نسخة إلكترونية منزّلة من موقع التفسير www.altafsir.com
[11] العلم بهذا الاعتبار قسمان المرتجل والمنقول أما الأوّل فهو ما وُضِعَ من أوّل الأمر علما ولم يستعمل في شيء آخر قبل علمِيّته كعمر وسعاد والثاني ما نُقِل من شيء سَبَقَ استعماله فيه قبل العلمية كفضل ومحمد وسعيد . فلا يمنع ها هنا من أن يكون اسم الجوديّ علما منقولا أصله المبالغة في الإحسان والكرم ... انظر: القواعد الأساسية للغة العربية , السيّد أحمد الهاشمي 1326هـ دار الكتب العلمية بيروت , الطبعة الثالثة 1427هـ 2007م ص68 ـ 69
[12] انظر فتح القدير للشوكاني
[13] جمع فَرَس انظر مختار الصحاح 496 ـ 497
[14] مفردات القرآن للراغب الأصفهاني ص79
[15] البخاري 5\2398 مسلم 4\2176 وغيرهما عن سهل بن سعد وهو مروي عن أبي هريرة وأنس وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين
[16] الطبراني في الكبير 8\198 ـ 230 وعبد الرزاق في المصنف 5\301 من حديث أبي أمامة رضي الله عنه ...
[17] الإمام أحمد في مسنده 3\16 من حديث أبي سعيد
[18] أخرجه البخاري 1\6 وغيره عن ابن عباس وأخرجه مسلم 4\1803 عن ابن مسعود رضي الله عنهم
[19] البخاري في الأدب المفرد 1\113 عن أنس رضي الله عنه
[20] مسلم 2\614 عن أنس بن مالك رضي الله عنه
[21] البخاري 1\439 وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه
[22] راجع النهاية في غريب الأثر لأبي السعدات المبارك بن محمد الجزري 1\835
[23] الحافظ احمد بن محمد بن أبي بكر الشافعي القسطلاني (923هـ) : اللآلئ السنية شرح المقدمة الجزرية ؛ مؤسسة الكتب الثقافية بيروت 1428هـ 2007م ص53
[24] ابن الناظم أحمد بن محمد بن الجزري أبو بكر شهاب الدين القريشي الشافعي (827هـ أو 835هـ) :الحواشي المفهمة , تحقيق: أ فرغلي سيد عرباوي ؛ مكتبة أولاد الشيخ للتراث القاهرة 2006م الصفحة:166
[25] عبد الدئم الأزهري (870هـ) : الطرازات المُعلِمة في شرح المقدمة بتحقيق : أ\فرغلي سيد عرباوي ؛ مكتبة أولاد الشيخ للتراث القاهرة 2007م الصفحة 183
[26] خالد بن عبد الله الأزهري (905هـ) : الحواشي الأزهرية في حلّ ألفاظ المقدمة الجزرية ؛ دار الغوثاني للدراسات القرآنية دمشق 1428هـ 2008م الصفحة 49
[27] ابن الجزري : التمهيد في التجويد ؛ دار الصحابة طنطا 1422هـ 2002م الصفحة 08
[28] ابن الجزري : النشر في القراءات العشر ؛ دار الفكر بيروت 1\210
[29] احمد بن أحمد بن محمد عبد الله الطويل : تيسير علم التجويد ؛ دار ابن خزيمة الرياض ط2 , 1423هـ 2002م الصفحة 07
[30] حسني شيخ عثمان : حقّ التلاوة ؛ مكتبة المنار , الزرقاء الأردن ط7 , 1407هـ 1987م الصفحة 28
تيسير علم التجويد ص7
[31] نقلا من مقدمة الأستاذ فرغلي سيد عرباوي على شرح طاش كبري زادة (968هـ) للجزرية , مكتبة أولاد الشيخ للتراث 2009م الصفحة 13
[32] فرغلي سيد عرباوي من مقدمة الطرازات المعلمة في شرح المقدمة لعبد الدائم الأزهري تلميذ الناظم الصفحة 10
[33] انظر على سبيل المثال : حقّ التلاوة للشيخ حسني شيخ عثمان
[34] انظر مثلا: مذكرة في أحكام الترتيل برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق للشيخ يخلف شراطي رحمه الله ؛ مخطوط
[35] صديق بن حسن القنوجي : أبجد العلوم ؛ دار الكتب العلمية 1978م تحقيق: عبد الجبار زكار 1\64
[36] إبراهيم محمد الجرمي : معجم علوم القرآن ؛ دار القلم دمشق 1422هـ 2001م الصفحة 79
[37] مقدمة الطرازات ص10
[38] شهاب الدين أحمد بن محمد عبد الغني الديمياطي : إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر؛ دار الكتب العلمية بيروت 1422هأ 2001م الصفحة:06
[39] محمود محمد عبد المنعم العبد : الروضة الندية شرح متن الجزرية ؛ المكتبة الأزهرية للتراث مصر 1422هـ 2001م الصفحة45
[40] محمد مصطفى بلال : هداية الطالبين في أحكام تلاوة الكتاب المبين شرح متن الجزرية ؛ دار الفضيلة القاهرة ؛ 2005م الصفحة: 30 ـ 31
[41] التجويد كما سيأتي ينقسم إلى قسمين علمي ويقصد به قواعده ومبادئه وعملي ويقصد به تطبيقه والقراءة به
[42] الشيخ شراطي رحمه الله ص2 في تعريفه للترتيل ثمّ قال : "والترتيل والتجويد بمعنى واحد"
[43] شيخ الإسلام زكريا الأنصاري : الدقائق المحكمة في شرح المقدمة ؛ مكتبة الغزالي دمشق ط4 , 1412هـ 1992م ص62
[44] مقدمة شرح طاش كبري زادة للأستاذ فرغلي ص13
[45] كشف الظنون 1\353
[46] انظر: معجم علم مصطلحات علم القراءات القرآنية وما يتعلق بها ص118 ومعجم علوم القرآن ص79 وابن الناظم ص174
[47] الطرازات ص183 ـ 184
[48] معجم مصطلحات القراءات ومعجم علوم القرآن
[49] معجم مصطلحات علم القراءات القرآنية وما يتعلق به ص118
[50] انظر : الحواشي الأزهرية لخالد الأزهري ص49 والطرازات لعبد الدائم الأزهري ص183
[51] عاشور أبو عبد الرحمن خضراوي الحسني الجزائري : أحكام التجويد برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق ؛ مكتبة الرضوان ص9
[52] خالد الأزهري ص52 ـ 53
[53] وانظر معجم علوم القرآن , معجم علم القراءات , أحكام التجويد برواية ورش لعاشور خضراوي , الحواشي لخالد الأزهري
[54] الطرازات لعبد الدائم الأزهري ص184
[55] المرجع نفسه 183 خالد الأزهري 49
[56] عاشور خضراوي 8 , خالد الأزهري 53 , د.عبد العلي المسئول 118 , إبراهيم محمد الجرمي79 , التمهيد8
[57] محمد بم محمود حوّا : الشرح العصري على مقدمة ابن الجزري ؛ دار ابن حزم 1429هـ 200م ص54
[58] ابن يالوشه: الفوائد المفهمة في شرح الجزرية المقدمة ؛ دار الفرقان المغرب 1989م ص6 , النشر1\210 , حسين الشيخ عثمان 26
[59] الطرازات ص112
[60] المرجع نفسه ص111
[61] المرجع نفسه ص183 خالد الأزهري 49
[62] الحسن بن قاسم المرادي المراكشي (749هـ) في شرحه على القصيدة الواضحة في تجويد الفاتحة للجعبري (732هـ) بتحقيق الأستاذ فرغلي ؛ مكتبة أولاد الشيخ للتراث , القاهرة 2007م ص93
[63] النشر1\210 , حسيني شيخ عثمان 26 القسطلاني في شرحه ص53
[64] عطية قابل نصر: غاية المريد في علم التجويد , دار التقوى القاهرة ط السابعة ص34
[65] الروضة الندية ص45
[66] احمد بن احمد بن عبد الله الطويل : تيسير علم التجويد ؛ دار ابن خزيمة ط2 ,1423هـ 2002م ص7
[67] الطرازات ص184
[68] نقلا من مقدمة المحقق فرغلي على شرح طاش كبري زادة ص13
[69] المرجع نفسه
[70] تيسير علم التجويد ص7
[71] هداية الطالبين في أحكام تلاوة الكتاب المبين ص30 ـ 31
[72] الطرازات ص184
[73] تيسير علم التجويد ص7
[74] مقدمة الطرازات للأزهري ص18
[75] ابن يالوشه ص6
[76] عاشور خضراوي , حسني شيخ عثمان الأوّل نسب مؤلفه لورش والثاني لحفص رمحها الله
[77] احمد الطويل ص7
[78] يكتفي بعضهم بتسميته سبرا وآخرون تقسيما وآخرون تقسيما وسبرا بتقديم التقسيم على السبر والجمهور على ما أثبتناه فوق واختار محمد سليمان الأشقر الأخير لأنّه أكثر تطابقا مع طريقتهم في البحث (لأنّهم يبدأون بالتقسيم : تتبع الأوصاف ثم ينتقلون إلى السبر وهو اختبار هذه الأوصاف)
[79] محمد بن علي الشوكاني , إرشاد الفحول إلى تحقيق الحقّ من علم الأصول ؛ دار ابن حزم 1425هـ 2004م الصفحة:481 =
= عبد الوهاب خلاف : علم أصول الفقه ؛ الزهراء الجزائر ؛ ط2 1993م ص77
محمد سليمان الأشقر : الواضح في أصول الفقه ؛ دار النفائس الأردن ط4 , 1412هـ 1992م ص237
محمد الأمين الشنقيطي : مذكرة في أصول الفقه على روضة الناظر لابن قدامة ؛ دار اليقين مصر , 1419هـ 1999م ص450 ـ 496
د.عبد الكريم زيدان :الوجيز في أصول الفقه ؛ مؤسسة الرسالة بيروت 1423هـ 2002م ص214
[80] معجم مصطلحات علم القراءات ص170
[81] أبو القاسم علي بن عثمان بن محمد بن أحمد المعروف بابن القاصح العذري (800هـ) : سراج القارئ المبتدئ وتذكار المقرئ المنتهي , بتحقيق جمال الدين محمد شرف ؛ دار الصحابة للتراث طنطا 1425هـ 2004م ص33 وانظر النجوم الطوالع على الدرر اللوامع للأستاذ إبراهيم المارغني ص209 ؛طبعة مركز التراث الثقافي المغربي الدار البيضاء بالاشتراك مع دار الحديث بالقاهرة 1429هـ 2008م بتحقيق الدكتور عبد السلام البكاري
[82] أبو محمد مكي القيسي القيرواني القرطبي (437هـ) : الإبانة ص41 دار نهضة مصر ؛ نقلاً من معجم مصطلحات علم القراءات ص172
[83] د. أيمن رشدي سويد : تلقي القرآن الكريم عبر العصور مفهومه وضوابطه ؛ دار الوعي الجزائر 2009م ص7
[84] معجم علوم القرآن ص246
[85] معجم علوم القرآن ص175
[86] المنح الفكرية ص32
[87] انظر على سبيل المثال: الشيخ محمود علي بسّة : العميد في علم التجويد , بتعليق وتحقيق الشيخ محمد الصادق قمحاوي ؛ دار العقيدة مصر 1425هـ
[88] ما أوردناه في هذا المطلب والذي قبله هو خلاصة أقوال أهل العلم في تعريف الحقّ والمستحقّ ومن أراد العودة لأصول هذه المسألة ويراجع أقوال أهل العلم فيها فلينظر: خالد الأزهري 52 , زكريا الأنصاري62 , المنح الفكرية44 , حقّ التلاوة26 ـ 27 , الفوائد التجويدية67 ـ 68 , الشرح العصري53 , طاش بكري زادة152 , البرهان لمحمد الصادق قمحاوي5 , العميد7 ...
[89] انظر ابن الناظم 175 , خالد الأزهري 52 , زكريا الأنصاري63 , طاش كبري زادة 152 , الملاّ علي القاريي45 , محمود محمد عبد المنعم في الروضة الندية 47 , محمد بم محمود حوّا 53 , الفوائد التجويدية68 ...
[90] انظر مثلا: طاش كبري زادة ص153 ...
[91] الروضة 47 , خالد الأزهري 52 ...
[92] [هكذا في الأصل وقد يكون خطأ مطبعي والصواب والله أعلم (أن يتلطّف) ]
[93] المنح الفكرية 54
[94] الحواشي المفهمة 175
[95] الدقائق المحكمة ص64
[96] الروضة الندية ص47
[97] مقدمة الطرازات ص10
[98] المرجع نفسه ص18
[99] والشَّبْرامَلِّسي هذا: هو قمر الشافعية في القرن الحادي عشر الهجري، وهو صاحب الحاشية المشهورة على نهاية الشمس الرملي في فقه الشافعية.
[100] نقلا عن ملتقى أهل الحديث على العنوان التالي: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=183186
[101] مقدمة كتاب الطراوات ص10
[102] ولأهميته وكثرة مسائله ومباحثه أصبح علما مستقلاً بذاته كتب فيه كبار العلماء مؤلفات مستقلة كأبي عمرو الداني في (المكتفى في الوقف والابتدا) وأبي جعفر النحاس في (القطع والائتناف أو الوقف والابتداء) ومن المعاصرين الشيخ الحصري في (معالم الاهتداء إلى معرفة الوقوف والابتداء) ...
[103] الشيخ محمود علي بِسَّة ، كان محاميًا شرعيًّا ، واعتزل المحاماة واشتغل بالتدريس ، وكان يحمل الابتدائية الأزهرية ، والثانوية الأزهرية ، والعالمية ، وتخصص القضاء الشرعي ، وتخصص التدريس ، وتلقى القراءات العشر ، ودرس الرسم والفواصل . من أشهر كتبه (القواعد النحوية في شرح الأجرومية) و(الفجر الجديد في علم التجويد) و(شرح الجزرية) و(شرح تحفة الأطفال) وقد كان على خلاف علماء مصر والأزهر حنبلي المذهب ...نقلا من موقع الشيخ محمد خليل الزروق http://www.zarrog.com/ar/Index.asp?Page=49
[104] الصفحة 7
[105] حقّ التلاوة ص189
[106] المرجع نفسه ص190
[107] المرجع نفسه 191
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق